وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تتوضأ المستحاضة لكل مكتوبة لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «المستحاضة تتوضأ لكل صلاة»
ــ
[البناية]
واحتج من قال بأنها تغتسل من طهر إلى طهر بما رواه مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن قال: سألت سعيد بن المسيب - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن المستحاضة فقال: تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة، فإن كان عليها الدم استثفرت. الجواب عن ذلك أن أبا داود قال: قال مالك: إني لا أظن حديث ابن المسيب من ظهر إلى ظهر بالظاء المعجمة، إنما هو من طهر إلى طهر بالطاء المهملة ولكن الوهم دخل فيه، فعليه الناس من ظهر إلى ظهر بالمعجمة.
وقال الخطابي: لأنه لا معنى للاغتسال من وقت صلاة الظهر إلى مثلها ولا أعلمه قولاً لأحد من الفقهاء، وإنما هو من طهر إلى طهر بالمهملة فيهما وهو انقطاع دم الحيض، وقد يجيء بما روي من الاغتسال من ظهر إلى ظهر بالمعجمة فيهما في بعض الأحوال لبعض النساء، وهو أن تكون المرأة قد نسيت الأيام التي كانت عادتها ونسيت الوقت أيضاً، إلا أنها تعلم أنها كلما انقطع دمها في أيام العادة كانت وقت الطهر فهل يلزمها أن تغتسل عند كل طهر وتتوضأ لكل صلاة وما بينهما وبين الطهر من اليوم الثاني، فقد يحتمل أن يكون سعيد بن المسيب إنما سئل عن امرأة هذه حالها فنقل الراوي الجواب ولم ينقل السؤال على التفصيل.
وفي " الاستذكار " ليس في ذلك وهم لأنه صحيح عن سعيد معروف من مذهبه في الاستحاضة تغتسل كل يوم من ظهر إلى ظهر، وكذلك رواه ابن عيينة عن موسى مولى أبي بكر ابن عبد الرحمن قالت: سألت سعيد بن المسيب عن المستحاضة فقال: تغتسل من ظهر إلى ظهر وتتوضأ لكل صلاة، فإن كان عليها استثفرت وصلت.
واحتج مالك فيما ذهب إليه من أن المستحاضة ليس عليها وضوء بما رواه في الموطأ عن هشام ابن عروة عن أبيه «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إني لا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال:"إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة [فإذا أقبلت] فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي» وأخرجه الجماعة. وجه التمسك به أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال لها: "فاغتسلي وصلي" ولم يذكر الوضوء لكل صلاة. والجواب عنه الوضوء مذكور في غيره على ما نذكره.
م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - تتوضأ المستحاضة لكل مكتوبة لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «المستحاضة تتوضأ لكل صلاة» ش: الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي وتصوم» رواه أبو داود، ولفظه: والوضوء عند كل صلاة، وله شواهد، منها ما أخرجه أبو داود، وابن ماجه من حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: جاءت فاطمة بنت أبي