ولأن اعتبار طهارتها لضرورة أداء المكتوبة فلا تبقى بعد الفراغ منها
ــ
[البناية]
حبيش.. الحديث، وفي آخره:«اغتسلي وتوضئي لكل صلاة» .
ومنها: ما أخرجه ابن حبان في "صحيحه " من حديث فاطمة بنت أبي حبيش وفي آخره: «فاغتسلي وتوضئي لكل صلاة»".
ومنها: ما رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده " من حديث جابر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة» .
م:(ولأن اعتبار طهارتها) ش: دليل عقلي، أي طهارة المستحاضة م:(لضرورة أداء المكتوبة فلا تبقى) ش: أي الضرورة م: (بعد الفراغ منها) ش: أي من المكتوبة، وقال الأترازي في جواب دليل الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بأن طهارة المستحاضة ضرورية لكن لا نسلم أن لا ضرورة لها في حكم أداء مكتوبة أخرى.
قلت: للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن يقول بعد التسليم أنها ضرورية كيف يمنع عدم الضرورة في حقها مكتوبة أخرى، ومطلق الضرورة موجود عند كل مكتوبة، وتقدير الطهارة في المكتوبة والنافلة يقدر بتلك الضرورة لأنه ليس من المعقول التجاوز عن قدر الضرورة، ثم منع الأترازي هذا بقوله: ولا نسلم أنها تقدر بقدر الضرورة عند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقد جاز لها أداء النوافل ما شاءت بالاتفاق، وللشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أن يقول: لا ضرورة في النوافل بعد أداء الفرض، ولكن هي تابعة للفرض فيدخل في حكم المتبوع بعد الشروع بخلاف مكتوبة أخرى، لأنها عبادة أخرى مستقلة تحتاج إلى طهارة أخرى، لكون الطهارة ضرورية في حق الأولى فلم يجاوز إلى غيرها.
ثم قال الأترازي: إنا نقول: هل بقيت الطهارة بعد المكتوبة الواحدة أم لا؟
فإن قلت: نعم، فقل: تصلي الفرائض والنوافل، وإن قلت: لا، فقل لا تصلي الفرائض والنوافل أصلاً، إلا بوضوء جديد، فالشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول: هذه الترديد مردود، فإني لم أقل إلا أنها تصلي فرضاً واحدا مع تبعية النفل ثم لا تصلي فرضا آخر إلا بوضوء جديد، لأن الشارع لما أسقط حكم سيلان الدم لضرورة الحاجة إلى أداء فرض الوقت الذي هو الأصل سقط كذلك في حق التبع بخلاف فرض آخر كما ذكرنا، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يقول الأترازي وهذا الإلزام شيء يسكت الخصم.