للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة» وهو المراد بالأول، لأن اللام تستعار للوقت، يقال: آتيك لصلاة الظهر أي وقتها،

ــ

[البناية]

وقد أورد الأكمل هاهنا إيرادا على الشافعية ملخصه: أن الصلاة في قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لكل صلاة، أعم من أن تكون مكتوبة أو غيرها فاختصاصها بالمكتوبة تحكم. ثم أجاب عن ذلك بأن الصلاة مطلق وهو منصرف إلى الكمال والكامل هو المكتوبة ثم رد هذا بأن الصلاة عام بدخل كلمة كل فليس كما ذكرتم.

قلت: فلهم أن يقولوا سلمنا العموم ولكنه يحتمل التخصيص، وهاهنا التخصيص موجود وهو الضرورة المؤخرة للصلاة مع سيلان الدم، مع أن القياس لا يقتضي الجواز أصلاً ولكن النص حكم عليه للضرورة فيقتصر علها ويتقدر بقدرها. والجواب المسكت ورود لفظة: هذه الصلاة مقيدة بالوقت في حديث آخر على ما نقرره عن قريب.

ثم أجاب الأكمل بجواب آخر وهو أن الطهارة بعد أداء المكتوبة إن كانت باقية تساوت الفرائض والنوافل في جواز الأداء بها وإلا فلا، ثم قال: وفيه نظر. وجه التنظير هو أن يقال: نعم باقية بالنسبة إلى النوافل دون الفرائض.

م: (ولنا قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة» ش: قال بعضهم: هذا غريب يعني بلفظ: لوقت كل صلاة، قلت: ليس كذلك لأنه لا يلزم من عدم اطلاعه عليه أن يكون غريباً، بل روي هذا الحديث بهذه اللفظة في بعض ألفاظ حديث فاطمة بنت أبي حبيش: "وتوضئي لوقت كل صلاة" ذكره ابن قدامة في " المغني "، ورواه الإمام أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - هكذا: «المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة» ، ذكره السرخسي في " المبسوط "، وروى أبو عبد الله بن بطة بإسناده عن حمنة بنت جحش أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أمرها أن تغتسل لوقت كل صلاة، والغسل يغني عن الوضوء فبطل الاشتراك لكل صلاة.

م: (وهو المراد بالأول) ش: هذه إشارة إلى الجواب عما احتج به الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في كون الوضوء للصلاة أي لوقت الصلاة وهو المراد بالحديث الأول وهو ما احتج به الشافعي م: (لأن اللام تستعار للوقت، يقال: آتيك لصلاة الظهر أي لوقتها) ش: لأن اللام كثير الاستعمال في الوقت.

ورد ذلك في الكتاب والسنة ومتعارف الناس. أما الكتاب فقوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: ٥٩] (مريم: الآية ٥٩) ، أي وقت الصلاة، وأما السنة فقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا فأينما أدركتني الصلاة تيممت» أراد وقت الصلاة لأنه فعله وفعله لا يسبقه لأن المدرك هو الوقت لا الصلاة، وقال - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إن للصلاة أولا وآخرا كوقتها» ، وأما تعارف الناس فيقال: آتيك لصلاة الظهر أي لوقتها، فحينئذ يكون ما

<<  <  ج: ص:  >  >>