- رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه: إذا اعتقد أن المسيح والعزير ابن الله لا يحل. ولا يتفاوت في كون الكتابي حربيا أو ذميا بإجماع أهل العلم، فلو ترك الكتابي التسمية عمدا أو ذبح وسمى باسم المسيح لم تحل ذبيحته بإجماع الفقهاء وأكثر أهل العلم.
وعن عطاء - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومجاهد - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومكحول - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا ذبح النصراني باسم المسيح حل لأنه أحل لنا ذبيحته. وقد علم أنه سيقوله، ولنا قوله سبحانه وتعالى:{وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ}[المائدة: ٣] أريد بها ما ذبحوه بشرطه كالمسلم. فقال علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إذا سمعتموه يسمى بغير الله فلا تأكلوه. وهو قول عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأبي الدرداء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والحسن عن جماعة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وفي " المستصفى ": هذا إذا لم يعتقد أن المسيح إله، أما إذا اعتقد فهو والمجوسي سواء فلا تحل ذبيحته، وهذا مخالف لعامة الروايات ولظاهر الكتاب، وهو قوله سبحانه وتعالى:{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}[النساء: ١٧١] . مع أنهم قالوا المسيح: ابن الله، وسئل ابن عباس عن ذبائحهم فقال: قد أحل الله لكم، فقيل: إنهم يهلون لغير الله، فقال: إن الذي أحل ذلك منهم هو أعلم بما يقولون.
ولو ذبح الكتابي ما حرم الله سبحانه وتعالى عليه مثل كل ذي ظفر قال قتادة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هي الإبل والنعام والبط وما ليس مشقوق الأصابع، أو ذبح دابة لها شحم يخير عليه يحل عند الأكثر، وحكي عن مالك في اليهودي يذبح الشاة لا يأكل من شحمها. قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هذا مذهب دقيق، فظاهر هذا أنه لم يره صحيحا لأنه سبحانه وتعالى قال:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[المائدة: ٥] وهذا ليس من طعامهم، فقال الضحاك - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومجاهد وسوار ومالك والقاضي الحنبلي، وقلنا: المراد من طعامهم ذبائحهم كما ذكرنا، ولأن المراد من طعامهم لا يجوز أن يكون عاما بالاتفاق لأن الخنزير والميتة والدم من طعامهم وهو حرام بالإجماع.
وقولنا قول عمر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وأبي الدرداء وابن عباس وابن عمر وأبي أمامة الباهلي وعبادة بن الصامت والعرباض بن سارية وأكثر الصحابة والتابعين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ثم عند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كل من دخل في دين كتابي بعد بعث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأولاده لا يحل ذبيحته ولا ذبيحة من يخرج من دين كتابي إلى كتابي كالمرتد عن الإسلام، والمتولد من كتابي وغير كتابي يحل صيده وذبيحته، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول، ومالك وأحمد: إذا كان الأب كتابيا وإلا لا تحل في رواية عن أحمد، وفي قول لا يحل تغليبا للحرمة، وعندنا هو تبع خير الأبوين