للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

بالقلب ذكر. قال الله سبحانه وتعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: ٣٧] والمراد منه الذكر بالقلب، وقول القائل:

الله يعلم أن لست أذكره ... وكيف أذكره إذ لست أنساه

فإن الذكر والنسيان عمل القلب.

قلت: المراد بالنص الذكر باللسان، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى ذكر الذكر عليه.

والذكر عليه لا يكون إلا باللسان، لأن الذكر عليه أن يقصد إيقاع الذكر عليه، وإنما يقصد إلى الذكر بعد العلم به، لأن القصد إلى ما لا يعلم محال وهذا لا يتصور بالقلب، لأنه لما خطر بالبال صار معلوما موجودا. فكيف يتصور القصد إلى إيقاعه.

فإن قلت: الذكر بالقلب مراد بالإجماع، فلا يكون الذكر باللسان مرادا وإلا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز. لأن الذكر من حيث القلب حقيقة لأن مدة النسيان تكون بالقلب أو العموم للمشترك.

قلت: لا نسلم بذلك لأن الذكر للأمرين حقيقة لوجود الاستعمال فيهما عرفا وشرعا، وضد الذكر السكوت أيضا. وهو يكون باللسان فكان حقيقة فيهما ولا يلزم عموم المشترك لأنه مشترك معنوي وهو المطلق لا المشترك اللفظي.

فإن قلت: الناسي مخصوص بالإجماع، ولو أريد به ظاهره لجرت المحاجة في السلف وظهر الانعقاد وارتفع الخلاف، فيخص العامل بالقياس وخبر الواحد.

قلت: الناسي غير مخصوص لأنه ذاكر تقدير الكلام القياس المسلم مقام الذكر في حق الناسي بالحديث. وهو معذور مستحق للنظر والتحقيق. والعامد غير معذور.

وقال تاج الشريعة - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

فإن قلت: حالة النسيان مخصوصة.

قلت: لو خضت حالة العمد يؤدي إلى إلغاء النص، انتهى.

قلت: الناسي لا يخلو إما أن يكون مرادا منها أو لا، فإن كان مرادا لا يكون مخصوصا وحينئذ يلزم إرادة العامد بالطريق الأولى. وإن لم يكن مرادا يلزم إرادة العامد صونا للنص عن التعطيل.

فإن قلت: المراد بالآية الميتة لأن سبب نزول الآية مجادلة المشركين في الميتة، حيث قالوا

<<  <  ج: ص:  >  >>