يأكلون ما يقتلونه ولا يأكلون ما قتله الله سبحانه وتعالى.
قلت: سلمنا السبب ولكن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب؛ لأن اللفظ هو الذي يدل على الحكم لا السبب. فلو كان مختصا بالسبب لم يتجاوز حكم الشرع مكة والمدينة لأن سائر الأسباب ثمة واللفظ عام لأن قوله سبحانه وتعالى:{مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}[الأنعام: ١٢١] يتناول الميتة وغيرها مما لم يذكر اسم الله تعالى.
فإن قلت: النصوص معارضة لهذا النص منها قوله سبحانه وتعالى: {كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا}[البقرة: ١٦٨] ومنها قوله سبحانه وتعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣] استثنى الذكاة من المحرمات، وهي مذكاة، لأن الذكاة هي الجرح بين اللبة واللحيين. ومنها قوله سبحانه وتعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}[الأنعام: ١٤٥] بيانه أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يخبر أنه لا يحرم سوى المذكورات في هذه الآية. ومتروك التسمية غير مذكور في هذه الآية، فكان حلالا.
قلت: أما الجواب عن الآية الأولى فيقول نحن نوجب ذلك لأنه سبحانه وتعالى أمر بأكل الحلال لا الحرام، ومتروك التسمية عامدا حرام، بما تلونا فلا يرد علينا.
والجواب عن الآية الثانية فقول ليس المراد نفي الحرمة عما سوى المذكور من هذه الآية مطلقا، لأن لحم الكلب ولحم الحمار والبغل حرام ولم يذكر في هذه الآية، بل المراد منه أنه لم يجد محرما مما كانوا يعتقدونه حراما في هذه الآية، والدليل عليه ما ذكر قبل هذه الآية وهو قوله سبحانه وتعالى:{قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ}[الأنعام: ١٤٤] إلى أن قال: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}[الأنعام: ١٤٥] .
فإن قلت ذبيحة أهل الكتاب حلالا، وإن كان متروك التسمية، لأن ما يعتقدونه أنها ليست بآلة حقيقة، فعلم أن التسمية ليست بشرط.
قلت: إنما حل ذبيحة الكتابي لأنه وجد ذكر اسم الله تعالى من حيث الضرورة لأنهم يدعون ملة التوحيد فاكتفى بذلك القدر في حق المحل، ألا ترى أنا إذا سمعنا أنهم يذكرون اسم الله عزيرا واسم المسيح عند الذبح نقول بحرمة ذبائحهم، ولهذا نقول بحرمة ذبيحة المجوسي لأنه لا يدعي ملة التوحيد.
م:(والإجماع وهو ما بينا) ش:، أشار به إلى قوله فإنه لا خلاف فيمن كان قبله في حرمة