وقال صاحب " العناية ": وأتى بلفظ " الجامع الصغير " لأن فيه بيانا ليس في رواية القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وذلك لأن في رواية القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الذبح بين الحلق، واللبة، وليس بينهما مذبح غيرهما فيحمل على ما يدل عليه لفظ " الجامع الصغير " - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وإنما عاد لفظ " الجامع " لأن بين رواية " المبسوط "، و " الجامع الصغير " - رحمهما الله - اختلافا من حيث الظاهر. فإن رواية " المبسوط " تقتضي الحل، فيما إذا وقع الذبح فوق الحلق قبل العقدة؛ لأنه بين اللبة واللحيين فيحل.
وفي رواية " الجامع الصغير " - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه لا يحل لأن على رواية محل الذبح الحلق، فلما وقع قبل العقدة لم يكن الذبح على الحلق فلا يجوز، فتكون رواية " الجامع " مقيدة لإطلاق رواية " المبسوط ".
وقد صرح في " الذخيرة ": أن الذبح إذا وقع أعلى من الحلقوم قبل العقدة لا يحل، كذا ذكره في " فتاوي أهل سمرقند "، وبه قالت الثلاثة، ولكن ذكر الإمام الرسعني في " فوائده ": يحل لأن المعتبر قطع أكثر الأوداج، وقد وجد سواء كان فوق العقدة أو تحته.
وفي " الخلاصة ": هذا خلاف قول عامة المشايخ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وقال صاحب " النهاية ": كان شيخي يفتي به، وكان يقول: الإمام الرسعني معتمد في القول والعمل. فلو أخذنا يوم القيامة بسبب العمل بقوله نحن نأخذه أيضا.
وقال الأترازي: وذكر في " فوائد الرسعني " أنه سئل عمن ذبح شاة فبقيت عقدة الحلقوم مما يلي الصدر أتؤكل أم لا؟ قال: هذا قول العوام من الناس، وليس هذا بمعتبر، ويجوز أكلها سواء كانت بقيت العقدة مما تلي الرأس أو مما يلي الصدر.
وأما المعتبر عندنا قطع أكثر الأوداج، وهذا صحيح لأنه لا اعتبار بكون العقدة من فوق أو من تحت. ألا ترى إلى قول محمد بن الحسن - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير ": لا بأس بالذبح في الحلق كله، أسفل الحلق أو وسطه أو أعلاه. فإذا ذبح في الأعلى لا بد أن يبقي العقدة من تحت، ولم يلتفت إلى العقدة لا في كلام الله سبحانه وتعالى، ولا في كلام رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بل الذكاة بين اللبة، واللحيين بالحديث، وقد حصلت كيفما بقيت العقدة، لا سيما على مذهب أبي حنيفة فإنه يكتفي بالثلاث من الأربع أي ثلاث كانت. ويجوز ترك الحلقوم أصلا فالطريق الأولى أن يحل الذبح إذا قطع الحلقوم من أعلاه، وبقيت العقدة إلى أسفل الحلقوم.
وقال تاج الشريعة في " شرحه ": قوله: والذبح بين الحلق واللبة. أراد بذلك بيان محل الذبح فيجوز في أعلى الحلق، وأسفله. ووسطه. وفي رواية " الجامع الصغير ": تقتضي أن