والأصل فيه قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الذكاة ما بين اللبة واللحيين» ولأنه مجمع المجرى والعروق. فيحصل بالفعل فيه.
ــ
[البناية]
الذبح فوق الحلق قبل العقدة لا يجوز لأنه جعل الحلق محلا، وإن كان فوق العقدة.
وهكذا ذكر في " الفتاوى "، ووضع الأصل يقتضي أن يحل لأنه بين اللبة، واللحيين، وإن كان فوق العقدة، لأن شمس الأئمة فسره، وقال: فيه دليل على أن أعلى الحلق ووسطه، وأسفله سواء، فيكون المراد على هذا التفسير ما يكون في الأصل مقيدا كما ذكر في الجامع الصغير " - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيكون المراد من كلمة بين ما يستفاد من كلمة في. وكان معناه: الذكاة في الحلق تؤيده رواية " الجامع الصغير ".
قلت: لفظة بين في اللغة بمعنى وسط، يقول: جلست بين القوم أي وسطهم، ولفظه للظرفية. ولكنها تجيء بمعنى بين أيضا كما في قوله سبحانه وتعالى:{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي}[الفجر: ٢٩] أي بين عبادي فحينئذ يستفاد من أحدهما ما يستفاد من الآخر. فعلى هذا يحمل معنى ما ذكره القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - على ما ذكره في " الجامع الصغير " فافهم.
م: (والأصل فيه قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الذكاة ما بين اللبة واللحيين ") » ش: أي الأصل في الذبح قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يثبت هذا الحديث بهذه العبارة.
وإنما أخرج الدارقطني - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " سننه " عن سعيد بن سلام العطار - رَحِمَهُ اللَّهُ -، حدثنا عبد الله بن بديل الخزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بديل بن الورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى، ألا إن الذكاة في الحلق واللبة.» قال في " التنقيح ": هذا إسناد ضعيف بمرة، وسعيد بن سلام أجمع الأئمة على ترك الاحتجاج به، وكذبه ابن نمير، وقال البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ - يذكر بوضع الحديث. وقال الدارقطني - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يحدث بالبواطيل متروك.
وأخرجه عبد الرزاق - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مصنفه " موقوفا على ابن عباس، وعلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - الذكاة في الحلق واللبة. وقد فسرنا اللبة واللحيين عن فرد. وهذا من باب تسمية الحال باسم المحل. كقولهم جرى النهر، وسال الميزاب.
م:(ولأنه مجمع المجرى والعروق) ش: أي ولأن ما بين الحلق واللبة مجرى الطعام والماء ومجمع العروق السارية في البدن م: (فيحصل بالفعل فيه) ش: أي فيما بين الحلق واللبة وأراد