قال: ويقبل في المعاملات قول الفاسق، ولا يقبل في الديانات إلا قول العدل.
ــ
[البناية]
م:(قال: ويقبل في المعاملات قول الفاسق ولا يقبل في الديانات إلا قول العدل) ش: أي قول القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعند الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لا يقبل إلا القول العدل في المعاملات مثل البيع والشراء والشهادات ونحوها.
والديانات: جمع ديانة وهي التي يتدين بها العبد من العبادات ونحوها، ومن صورها أن يخبر رجل مسلم ثقة بنجاسة الماء فإنه لا يجوز له أن يتوضأ به، وإن كان غير ثقة وغلب على ظنه صدقه فالأولى أن يتنزه وإن توضأ به جاز.
ومنها رجل تزوج امرأة فأخبرهما ثقة أن بينهما رضاعة فالأولى أن يفارقها؛ لأن شهادة الواحد لا تثبت بها الرضاعة ولكن يلزمه التنزه.
كذا في " شرح الأقطع "، والحاصل إنما يحصل الخبر فيه حجة أربعة أقسام: أحدها: أحكام الشرع التي هي فروع الدين وهي نوعان: عبادات فخبر الواحد العدل فيها صحة مع اشتراط الضبط والعقل والعقوبات. فقد روي في " الأمالي " عن أبي يوسف أن خبر الواحد فيها حجة أيضا وهو اختيار الجصاص - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يكون حجة.
والقسم الثاني: حقوق العباد الذي فيها إلزام محض ويشترك فيها أهل المال فلا يثبت بخبر الواحد بل يشترط فيها العدد والعدالة والأهلية وتعيين لفظة الشهادة.
فمن القسم الأول: الشهادة على رؤية الهلال كرمضان إذا كان بالسماء علة.
ومن القسم الثاني: في الشهادة على هلال الفطر لأن فيه حق العباد ولأن فيه منفعة لهم، ومن ذلك الإخبار بحرمة الرضاع في ذلك النكاح أو ملك اليمين؛ لأنه يبتنى على زوال الملك أي ملك المنفعة بخلاف طهارة الماء ونجاسته، وحل الطعام والشراب وحرمته فإنه من القسم الأول فإن الحل لا يبتنى ثمة على زوال الملك ضرورة.
والقسم الثالث: حقوق العباد الذي ليس فيه إلزام كالوكالة للمضاربات والإذن للعبد والشراء من الوكلاء والملاك، فخبر الواحد فيها حجة إذا كان مميزا عدلا كان أو غير عدل صبيا كان أو بالغا، كافرا أو مسلما.
والقسم الرابع من حقوق العباد: ما فيه إلزام من وجه دون وجه، كعزل الوكيل وحجر العبد المأذون، وفيه إلزام؛ لأنه يلزم العهدة على الوكيل بعد العزل، ويلزم فساد العقد بعد الحجر، وفيه عدم الإلزام أيضا؛ لأن الموكل أو المولى فيصرف في حقه، فصار كالإذن.