ووجه الفرق أن المعاملات يكثر وجودها فيما بين أجناس الناس، فلو شرطنا شرطا زائدا يؤدي إلى الحرج فيقبل قول الواحد فيها عدلا كان أو فاسقا، كافرا كان أو مسلما، عبدا كان أو حرا، ذكرا كان أو أنثى، دفعا للحرج، أما الديانات فلا يكثر وقوعها حسب وقوع المعاملات، فجاز أن يشترط فيها زيادة شرط فلا يقبل فيها إلا قول المسلم العدل؛ لأن الفاسق متهم والكافر لا يلتزم الحكم فليس له أن يلزم المسلم بخلاف المعاملات؛ لأن الكافر لا يمكنه المقام في ديارنا إلا بالمعاملة، ولا يتهيأ به المعاملة إلا بعد قبول قوله فيها، فكان فيه ضرورة فيقبل، ولا يقبل فيها قول المستور.
ــ
[البناية]
ثم عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يشترط في هذا القسم أحد شطري الشهادة، إما العدد أو العدالة خلافا لهما حتى إذا أخبر واحد فضولي فاسق أن مولاه حجر عليه، أو موكله عزله، ثبت الحجر والعزل عندهما خلافا لأبي حنيفة.
م:(ووجه الفرق) ش: بين الفصلين أحدهما بقوله: قول الفاسق في المعاملات. والآخر اشتراط العدالة في الديانات. م:(أن المعاملات يكثر وجودها فيما بين أجناس الناس) ش: في المسلم الصالح والمسلم الفاسق والذمي والمستأمن والذكر والأنثى والحر والعبد م: (فلو شرطنا شرطا زائدا يؤدي إلى الحرج) ش: والحرج مدفوع الشرط الزائد اشتراط العدالة فقبل فحينئذ م: (فيقبل قول الواحد فيها) ش: أي في المعاملات م: (عدلا كان أو فاسقا، كافرا كان أو مسلما، عبدا كان أو حرا، ذكرا كان أو أنثى، دفعا للحرج) ش: أي قيل ذلك لأجل الدفع للحرج، فباعتبار العدالة فيه حرج عظيم، ألا ترى أن في سائر الأعصار يقبلون أقوال الدلالين والمنادين والسماسرة، ويرجعون إلى أقوالهم وإن كانت السلعة لغيرهم.
م:(أما الديانات فلا يكثر وقوعها حسب وقوع المعاملات) ش: أي قدر وقوع المعاملات، أراد أن الديانات بالنسبة إلى المعاملات قليلة م:(فجاز أن يشترط فيها) ش: أي في الديانات م: (زيادة شرط) ش: وهي العدالة م: (فلا يقبل فيها إلا قول المسلم العدل؛ لأن الفاسق متهم والكافر لا يلتزم الحكم فليس له أن يلزم المسلم) ش: لأن في قبول قوله إلزام المسلم فلا يجوز. م:(بخلاف المعاملات؛ لأن الكافر لا يمكنه المقام في ديارنا) ش: أي لا يمكنه الإقامة في دار الإسلام سواء كان ذميا أو حربيا م: (إلا بالمعاملة) ش: لأن المعاش لا يكون إلا بها.
م:(ولا يتهيأ له المعاملة) ش: أي ولا يتيسر للكافر المعاملة م: (إلا بعد قبول قوله فيها) ش: أي في المعاملة م: (فكان فيه ضرورة فيقبل) ش: أي فوجد في قبول قوله ضرورة. وضرورة مرفوع؛ لأنه اسم كان، وهي تامة فلا يحتاج إلى خبر م:(ولا يقبل فيها قول المستور) ش: أي في الديانات وهو الذي لا يعلم ما حاله ولم يظهر عدالته ولا فسقه.