فإن كان المخبر غير ثقة أو كان لا يدري أنه ثقة أو غير ثقة نظر فيه، فإن كان أكبر رأيه أنه صادق تيمم ولم يتوضأ به، وإن كان عنده غير صادق توضأ ولم يلتفت إلى قوله وأجزأه ذلك ولا يتيمم.
ألا ترى أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حين ورد حياض ماء المدينة فقال عمرو بن العاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لرجل من أهل الماء: أخبرنا عن السباع أتردكم هذا؟ فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لا تخبرنا عن شيء نكره أن يخبر، ولولا أنه عد خبره خبرا ما نهى، فإن كان الذي أخبره بنجاسته رجل من أهل الذمة لم يقبل قوله، وإذا وقع في قلبه أنه صادق فأحب إلي أن تهريق الماء ثم يتيمم ويصلي فإن توضأ به وصلى أجزأه؛ لأن هذا شيء من الدين ولا يلزم به الحجة فيه إلا بمسلم.
وكذلك الصبي والمعتوه إذا عقلا ما يقولان.
ومنها: رجل تزوج امرأة فجاء مسلم ثقة فأخبرهما أنهما ارتضعا من امرأة واحدة فأحب إلي أن تنزه منها فطلقها ويعطيها نصف الصداق إن لم يكن دخل بها، وأحب إلي أن لها أن لا يأخذ منه صداقا وإن تنزه منه إن كان لم يدخل بها وإن أقاما على نكاحهما لم يحرم ذلك عليهما.
ومنها رجل اشترى جارية فأخبره عدل ثقة أنها حرة لأبوين أو أنها أخته من الرضاعة فإن تنزه عن وطئها فهذا أفضل وإن لم يفعل ذلك واسع له.
وإنما فارق هذا ما قاله في الوضوء والطعام؛ لأن جميع ذلك يحل بغير ملك. ألا ترى أن رجلا لو قال لرجل كل طعامي هذا أو توضأ بمائي هذا أو اشربه وسعه أن يفعل ذلك.
ولو قال: جاريتي هذه فقد أذنت لك فيها، أو قال له تلك حرة في نفسها لم يحل له الوطء حتى يتزوج الحرة أو يملك الأمة.
ومنها: اشترى رجل طعاما أو جارية أو ملك ذلك بهبة أو ميراث أو وصية فجاء مسلم ثقة فشهد أن هذا الفلان الفلاني غصبه منه البائع أو الواهب أو الميت فأوجب إلينا أن يتنزه عن أكله وشربه ووطئ الجارية، وإن لم يتنزه كان في سعة.
وكذلك طعام أو شراب في يد رجل أذن له في أكله وشربه، وقال له مسلم ثقة هذا غصب في يديه من فلان والذي في يديه يكذبه ويزعم أنه له وهو متهم غير ثقة، فأحب إلينا أن يتنزه