قال شيخ الإسلام - رَحِمَهُ اللَّهُ - جميع ذلك مكروه عند علمائنا؛ لقوله سبحانه وتعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}[لقمان: ٦] جاء في التفسير: أن المراد به الغناء.
وأما حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أنه كان ينشد الأشعار المباحة وهي التي فيها الموعظة والحكمة ولا بأس بإنشاد هذه الأشعار، ولو كان في الشعر صفة امرأة إن كانت بعينها وهي حية يكره، وإن كانت ميتة لا يكره، وإن كانت غير معينة لا يكره.
كذا في " الذخيرة "، وفي " فتاوى قاضي خان " و " جامع المحبوبي ": وعند الأئمة الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: قراءة القرآن بالألحان حرام، وفصل الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - في ذلك فقال: إن كان الألحان لا يغير الحروف عن موضعها ونظمها جاز، وإن كانت تغير لا يجوز، وكذا قال مشائخنا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وأنه يباح السماع ولكن ترد شهادة القوال والرقاص.
وفي " التتمة ": ومن السحت ما يأخذ الشاعر على الشعر والضحك للناس أو السخرية منهم ويحدث بمغازي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، لا سيما بأحاديث العجم مثل الرستم وأسفنديار، وما تأخذه المغنية والنائحة والكاهنة، والواشمة، والواشرة، والمقامر، والمتوسط لعقد النكاح، والقواد، والمصلح بين المتشاحنين، وثمن الخمر والمسكر، وعسب التيس، وثمن جلود الميتات قبل الذبائح، ومهر البغي، وأجر الحجام بشرط. والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - جوز أجر الحجام، ولكن قال الآبي: وإن ينزه وأصحاب جميع المحارف ولا يعلم فيه خلاف.
وفي " الأجناس " قال في كتاب الكراهية: لما سألت أبا يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن الدف أنكره في غير العرس، مثل المرأة في منزلها والصبي. قال: فلا أكرهه وأنا الذي يحسب منه اللعب الفاحش والغناء فإني أكرهه، ولو بنى الرجل بامرأته ينبغي أن يولم، والوليمة حسنة، ويدعو الجيران والأصدقاء، ويصنع لهم طعاما ويذبح لهم، ولا بأس أن يكون ليلة العرس دف يضرب به يشتهر ذلك ويعلن به النكاح، وينبغي للرجل أن يجيب، وإن لم يفعل فهو آثم، وإن كان صائما أجاب ودعا، وإن كان غير صائم أكل، ولا بأس يدعو يومئذ ومن الغد وبعد الغد ثم انقطع العرس.
وفيه أيضا نقل عن كتاب الكراهية - إملاء -: كره للرجل أن يدع دعوة جاره وقريبه إذا كانت عندهم العيدان والمزامير، وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أحبه إلى أن لا يجيبهم وليس لهؤلاء حرمة الدعوة.