وقد روي أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أمر بعض أصحابه بذلك.
ــ
[البناية]
استدل أبو عبيد بهذا البيت على أن الرتم. والرتيمة هو الخيط الذي يعقد على الإصبع للتذكرة كما قد ذكره الآن.
وقال ابن السكيت: الرتم شجرة ثم أنشد هذا البيت ثم قال: كان الرجل إذا أراد سفرا عمد إلى هذه الشجرة فعقد بعض أغصانها ببعض فإذا رجع من سفره وأصابها على تلك الحالة قال: لم تخن امرأتي، وإن أصابه قد انحل قال: خانتني امرأتي.
ومعنى البيت: هل منعتك أن همت امرأتك أن تخونك وصيتك لها وإقامتك من يحفظها وبعقادك الشجرة، قوله إن هممت بهم أي بشيء تريده، يعني أنها إن كانت عفيفة حفظت نفسها وإن لم يكن كذلك لا حيلة فيها. كذا قال أبو محمد يوسف بن الحسن بن عبيد الله السيرافي كتاب " الربيع شرح الاصطلاح ".
وقوله: بعقاد الرتم، التعقاد - بفتح التاء - مصدر بمعنى على وزن التفعال كالمتعلقات والتشهاد، وهو مضاف إلى الرتم، والرتم مجرور بالإضافة، ثم البيت المذكور مروي عن الثقات.
هل ينفعنك بلفظ هل الاستفهامية وهو القياس؛ لأن الأصل في نون التأكيد أن لا يدخل النفي. والفقهاء يردونه بحرف النفي كما في رواية المصنف كذلك وقال بعضهم: بالغ الإنكار فيه.
قلت: لا مجال للإنكار في ذلك؛ لأن حرف التوكيد قد يدخل النفي أيضا في الشعر كما في قول العمر بن مولت:
فلا إيجاره الدنيا بها بلحيتها
فهذه نون التوكيد بعد لا النافية.
ثم اعلم أن قوله: إن هممت بتاء التأنيث في رواية الثقاة، وقد رواه بعضهم همت بتاء الخطاب المذكر وحذف أحد الميمين وهمت على لغة من يقول: ظلت من ظللت، ومست من مست وأحست من أحسست. قال الشاعر:
أحسنت إليه سوس
أي أحسن به.
م: (وقد روي أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أمر بعض أصحابه بذلك) ش: أي بالرتم يعني عقد الخيط في الأصبع للتذكرة، ولم يثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بذلك ولكنه قد روي فيه أحاديث كلها ضعيفة.
منها: ما رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " من حديث سالم بن عبد الأعلى عن نافع