ولأنه ليس بعبث لما فيه من الغرض الصحيح، وهو التذكر عند النسيان.
ــ
[البناية]
عن ابن عمر:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أشفق من الحاجة أن ينساها ربط في أصبعه خيطا ليذكرها» ، ورواه ابن عدي في " الكامل "، والعقيلي في " الضعفاء "، وابن حبان أيضا في " الضعفاء " وأسند ابن عدي عن ابن معين والبخاري والنسائي: في سالم هذا أنه متروك، وأسنده العقيلي عن البخاري فقط، وقال ابن حبان: كان سالم هذا يضع الحديث، لا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه.
وقال الترمذي في " علله الكبرى ": سألت البخاري عن هذا الحديث: يقال: سالم بن عبد الأعلى، ويقال سالم بن غيلان منكر الحديث. وقال ابن أبي حاتم في " علله ": سألت أبي عن هذا الحديث قال: حديث باطل، وسالم هذا ضعيف وهذا منه.
ومنها ما رواه الطبراني في " معجمه الأوسط " عن بشر بن إبراهيم الأنصاري: حدثنا الأوزاعي عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أراد الحاجة أوثق في خاتمه خيطا» .
ورواه ابن عدي في " الكامل "، وأعله ببشر هذا، وقال: إنه عندي ممن يضع الحديث.
ومنها ما رواه الطبراني في " معجمه " عن غياث بن إبراهيم الكوفي، حدثنا عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، عن سعيد المقبري، عن رافع بن خديج - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قال: «رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ربط في أصبعه خيطا، فقلت: يا رسول الله ما هذا؟ فقال:" شيء أستذكر به» .
وذكر ابن الجوزي في " الموضوعات " الأحاديث الثلاثة، ونقل في الأول كلام ابن حبان في سالم، ونقل في الثاني كلام ابن عدي في بشر، ونقل في الثالث عن السعدي وابن حبان في غياث هذا أنه كان يضع الحديث، وعن أحمد والبخاري: أنه متروك الحديث.
فإن قلت: أخرج ابن عدي في " الكامل " عن بشر بن حسين الأصبهاني، عن الزبير بن عدي عن أنس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حول خاتمه أو عمامته أو علق خيطا لتذكره، فقد أشرك بالله، إن الله هو يذكر الحاجات» .
قلت: هذا أيضا حديث ضعيف؛ لأن ابن عدي أعله ببشر بن الحسين فإذن ليس الدليل إلا ما ذكره بقوله م:(ولأنه ليس بعبث لما فيه من الغرض الصحيح، وهو التذكر عند النسيان) ش: والفعل إذا تعلق بغرض صحيح لا يكره ولا يمنع، وقد جرت بذلك عادة الناس من غير نكير والله أعلم.