والحجة عليه ما رويناه، وقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنما يغسل الثوب من خمس، وذكر منها: المني»
ــ
[البناية]
م:(والحجة عليه) ش: أي على الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - م:(ما رويناه) ش: وهو حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - المذكور، وقال الأكمل: فإن قيل: إذا استدل الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بحديث ونحن بحديث فما وجه قول المصنف والحجة عليه ما رويناه. فالجواب أن وجه ذلك أن حديثه لا يدل عليه، لأن قوله كالمخاط لا يقتضي أن يكون طاهراً لجواز أن يكون التشبيه في اللزوجية وقلة التداخل وطهارته بالفرك والأمر بالإماطة مع كونه للوجوب يستدعي أن يكون نجساً لأن إزالة ما ليس بنجس ليست بواجبة.
قلت: هذا السؤال إنما يرد لو كان الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يرى بالأثر المذكور، ويقول به، نعم لو ذكر له حديثاً من الأحاديث كان يتوجه السؤال، وتشبيه ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - له بالمخاط إنما كان في النظر والبشاعة لا في الحكم بدليل ما ذكرنا من أدلة نجاسته، والأمر بالإماطة ليتمكن من غسل محله.
م: (وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما يغسل الثوب من خمس وذكر منها المني» ش: هذا دليل آخر عل نجاسة المني، وهذا قطعة من حديث رواه الدارقطني من حديث ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب «عن عمار - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: مربي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا أسقي راحلة لي في ركوة إذ انتخمت فأصابت نخامتي ثوبي، فأقبلت أغسلها، فقال:"يا عمار ما نخامتك ولا دموعك إلا بمنزلة الماء الذي في ركوتك إنما يغسل الثوب من خمس: من البول، والغائط، والمني، والدم، والقيء» وفي " الأسرار ": الخمر مكان القيء، وجه الاستدلال به ظاهر وهو أنه يدل على نجاسة المني.
فإن قالت: الاستدلال به يقتضي غسله رطباً ويابساً، ولستم قائلين به فكان متروكاً.
قلت: حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - في جواز فرك اليابس، ويحمل هذا على الرطب توفيقاً بين الحديثين، والنخامة بضم النون ما يخرج من الخيشوم.
فإن قلت: قال الدارقطني: لم يرو حديث عمار غير ثابت بن حماد وهو ضعيف جداً، ورواه ابن عدي في " الكامل " قال: لا أعلم روى هذا الحديث عن علي بن زيد غير ثابت بن حماد، وله أحاديث في أسانيد الثقات يخالف فيها وهي مناكير ومقلوبات.
وقال البيهقي: هذا حديثه باطل، إنما رواه ثابت بن حماد، وهو متهم بالوضع عن علي بن زيد وهو غير محتج به.