ولأبي حنيفة قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ألا إن مكة حرام لا تباع رباعها، ولا تورث» .
ــ
[البناية]
قالوا: والله يا رسول الله: ما قلنا ذلك إلا مخافة أن يعادونا. قال:"أنتم صادقون عند الله وعند رسوله". فقال: والله ما منهم أحد إلا بل نحره بالدموع» .
قلت: قال الشيخ محيي الدين النووي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وقال مالك، وأحمد، وأبو حنيفة، وجماهير العلماء، وأهل السير: ففتحت عنوة، واحتجوا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " احصروهم حصرا "، وبقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: [ ... ] وبتسمية هذه الغزوة غزوة الفتح، [ومما] يدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}[الفتح: ١] ، وقوله سبحانه وتعالى:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}[النصر: ١] والمراد بهما عند الجمهور فتح مكة، وهذا اللفظ لا يستعمل في الصلح، إنما يستعمل في الغلبة والقهر، وأيضا فإن أهل السير عدوا الفتح من جملة الغزوات التي قاتل فيها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعدها ابن سعد تسعا منها الفتح، وادعى الماوردي أن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - انفرد بقوله: فتحت صلحا.
م: (ولأبي حنيفة قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ألا إن مكة حرام لا تباع رباعها، ولا تورث» ش: هذا الحديث أخرجه الحاكم في "مستدركه " في "البيوع"، والدارقطني في "سننه "، عن إسماعيل ابن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مكة مناخ، لا تباع رباعها، ولا يؤاجر بيوتها» . وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وقال الدارقطني: إسماعيل بن مهاجر ضعيف ولم يروه غيره، وذكره ابن القطان - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "كتابه " من جهة الدارقطني وأعله بإسماعيل بن مهاجر، قال: قال البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: منكر الحديث.
ورواه ابن عدي، والعقيلي في "كتابيهما"، وأعلاه بإسماعيل وأبيه، قالا في إسماعيل: لا يتابع عليه.
وقال صاحب " التنقيح ": إسماعيل بن مهاجر هذا هو البجلي الكوفي، وهو من رجال مسلم.
وقال النووي: لا بأس به، وضعفه ابن معين، وكذلك أبوه ضعفوه. وقال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أبوه أقوى منه.