للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

قلت: روى البيهقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أيضا في " سننه "، من حديث إسحاق بن الحصين الرقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - حدثنا سعيد بن مسلم عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استعمل عتاب بن أسيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على مكة. وفرض له عمالته أربعين أوقية من فضة.»

وينبغي أن لا يشك في صحة هذا فإن الذي يعمل عملا يحتاج إلى كفايته وكفاية عياله، فإن لم يرزق من جهة عمله وإلا يضيع ماله ولا يرضى أحد بعمل على جهة فتفرغ أحوال المسلمين، والدليل على صحة ما ذكره البخاري في باب: رزق الحكام والعاملين عليها. وكان شريح يأخذ على القضاء أجرا قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: يأكل الوصي بقدر عمالته، وأكل أبو بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

وفي " مصنف " عبد الرزاق: أخبرنا الحسن بن عمارة، عن الحكم: أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رزق شريحا، وسلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء، وروى ابن سعد في " الطبقات " في ترجمة شريح: أخبرنا الفضل بن دكين، حدثنا الحسن بن صالح عن ابن أبي ليلى قال: بلغني أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رزق شريحا خمسمائة. وروى في ترجمة زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أخبرنا عفان بن مسلم، حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن الحجاج بن أرطاة، عن نافع قال: استعمل عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - زيد بن ثابت على القضاء وفرض له رزقا.

وقال أيضا: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي، أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: بويع أبو بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يوم قبض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، وكان رجلا تاجرا يغدو كل يوم إلى السوق فيبيع ويبتاع فلما بويع للخلافة قال: والله ما يصلح للناس إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم ولا بد لعيالي ما يصلحهم فترك التجارة وفرض من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوما بيوم، وكان الذي فرضه له في كل سنة ستة آلاف درهم، فلما حضرته الوفاة قال لهم: ردوا ما عندنا إلى مال المسلمين، وإن أرضي التي هي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم، فدفع ذلك إلى عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فقال: لقد والله أتعبت من بعدك.

فإن قلت: من أي مال فرض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يكن يومئذ الدواوين ولا بيت المال وإنما كانت الدواوين في زمان عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>