وبعث عليا إلى اليمن وفرض له، ولأنه محبوس لحق المسلمين فتكون نفقته في مالهم، وهو مال بيت المال، وهذا لأن الحبس من أسباب النفقة، كما في الوصي والمضارب إذا سافر بمال المضاربة، وهذا فيما يكون كفاية،
ــ
[البناية]
قلت: هي له ذلك من الفيء، وقيل: مما أخذه من نصارى نجران ومن الجزية التي أخذت من مجوس هجر. قال أبو يوسف في كتاب " الخراج " بإسناده إلى ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذ الجزية من مجوس أهل هجر، انتهى. وعتاب: بفتح العين المهملة وتشديد التاء المثناة من فوق، وفي آخره باء موحدة -، وأسيد - بفتح الهمزة وكسر السين المهملة - وهو ابن العيص بن أمية بن عبد شمس وأخوه خالد بن أبي أسيد وهما صحابيان - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
م:«وبعث عليا إلى اليمن وفرض له» ش: بعثه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليا إلى اليمن صحيح وأما فرضه له فلم يثبت عند أهل النقل، ولكن الكلام فيه كالكلام في قصة عتاب بن أسيد. أما بعثه فقد رواه أبو داود عن شريك عن سماك، عن حسن، عن علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قال: «بعثني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليمن قاضيا فقلت: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترسلني وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء؟. فقال:" إن الله يستهدي قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يبين لك القضاء " فما زلت قاضيا أو ما شككت في القضاء بعد» . ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي في " مسانيدهم ". ورواه الحاكم في " المستدرك "، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه وقد مر الكلام فيه من ذلك في " أدب القاضي ".
م:(ولأنه) ش: أي القاضي م: (محبوس لحق المسلمين فتكون نفقته في مالهم وهو مال بيت المال) ش: قالوا هذا إذا كان بيت المال حلالا، فأما إذا كان حراما جمع بباطل لم يحل أخذه بحال لأن سبل الحرام والغصب رده على أهله وليس ذلك بمال عامة المسلمين.
م:(وهذا) ش: أي كون نفقته منه بحبسه لمصالح المسلمين م: (لأن الحبس من أسباب النفقة، كما في الوصي والمضارب إذا سافر بمال المضاربة) ش: لأنهما يحبسان أنفسهما بمال اليتيم ومال رب المال وكذلك نفقة المرأة سواء كانت في العصمة أو في العدة لأنها محبوسة بحق الزوج.
م:(وهذا فيما يكون كفاية) ش: أي هذا الذي ذكره محمد في " الجامع الصغير " من قوله: ولا بأس برزق القاضي فيما إذا كان كفاية ومؤنة للنفقة.