وقيل في التوفيق بينهما أن الأولى في الرقيق والثاني في الكثيف، وإنما كانت نجاسة هذه الأشياء مغلظة لأنها ثبتت بدليل مقطوع به
ــ
[البناية]
م: (وقيل) ش: قائله أبو جعفر الهندواني م: (في التوفيق بينهما) ش: أي بين الروايتين المذكورتين م: (أن الأولى في الرقيق) ش: أي أن الرواية الأولى وهي اعتبار الدرهم من حيث المساحة في النجس الرطب والمائع م: (والثانية في الكثيف) ش: أي: والرواية الثانية، وهي اعتبار الوزن في النجس [في] المسجد كالعذرة، وهو الصحيح نص عليه في " المحيط "، لأن التقدير بالعرض في المسجد قبيح.
وفي جامع " الكردري " وهو المختار في " المبسوط " و " الخلاصة " الدرهم يكون من القدر المعروف في البلد، وأما النقود المنقطع عملها كالبشهيلي وغيره، قيل: يعتبر، وهو ضعيف.
م: (وإنما كانت نجاسة هذه الأشياء) ش: يعني الأشياء المذكورة كالدم والبول والخمر ونحوها م: (مغلظة) ش: يعني موصوفة بالتغليظ م: (لأنها) ش: أي لأن هذه الأشياء أي نجاستها م: (ثبتت بدليل مقطوع فيه) ش: أي بنص وارد فيه بلا معارضة نص آخر كالخمر مثلاً، فإن نجاسته بنص القرآن لقوله (رجس) أي نجس ولم يعارضه نص آخر.
فإن قلت: لا يظهر من الآية دلالة ظاهرة على نجاسة الخمر، لأن الرجس عند أهل اللغة القذر، ولا يلزم ذلك النجاسة. وكذا الأمر الوارد بالاجتناب لا يلزمه فيه النجاسة.
قلت: لما رمى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالروثة وقال: "إنها رجس، أو ركس) دل على أن الرجس النجس.
فإن قلت: حكي عن ربيعة وداود أنهما قالا: الخمر طاهرة فأقل [ ... ] أن يكون نجساً مخففاً.
قلت: نقل أبو جسامة الإجماع على نجاستها وأراد بها النجاسة المغلظة.
فإن قلت: يلزم بما ذكرت أن يكون ما عطف على الخمر في الآية نجساً.
قلت: القران في النظم لا يوجب القران في الحكم، ويكون المراد من قوله بدليل مقطوع به الإجماع، كالدم مثلاً فإنه حرمه فأشبه بنص القرآن، ونجاسته مجمع عليها بلا خلاف وهو حجة قطعية. والمراد من الدم: الدم المسفوح، وفي " الجنازية ": والمراد بكونه قطعياً أن يكون سالماً عن الأسباب الموجبة للتخفيف من معارض النصين، [ ... ] الاجتهاد والضرورات المحققة.
قلت: لا يلزم منه سلامته عما ذكر أن يكون مقطوعاً به، لأن خبر الواحد السالم عن ذلك لا يكون الحكم الثابت به وحده متطوعاً به، وعلى هذا الأصل الاختلاف بين أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -