ثم يروى اعتبار الدرهم من حيث المساحة وهو قدر عرض الكف في الصحيح، ويروى من حيث الوزن وهو الدرهم الكبير المثقال وهو ما يبلغ وزنه مثقالا
ــ
[البناية]
وذكر في " الأسرار " عن علي وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنهما قدرا النجاسة بالدرهم. وعن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «صلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كساء فقال رجل: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذه لمعة من دم، فقبض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ما يليها، فبعث بها إلي مصرورة في يد الغلام فقال:"اغسلي هذه ولم يعد صلاته» " فدل على أن القليل من النجاسة محتمل، وأمر بغسلها لأنه يستحسن إزالة القليل منها وإيضاعه بنظر الدم.
وعن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قدرها بظفره، قال في " المحيط ": وكان ظفره قريباً من كفنا، فدل على أن ما دونه لا يمنع، قال: وقول عمر يبطل قول الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في منع التقدير.
م:(ثم يروى اعتبار الدرهم من حيث المساحة) ش: أشار بهذا إلى بيان اختلاف عبارات عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في اعتبار الدرهم، فروي عن محمد أن اعتباره بالمساحة م:(وهو قدر عرض الكف) ش: أي ما وراء مفاصل الأصابع، وهذا الاعتبار يروى عن الكرخي عن محمد م:(في الصحيح) ش: أشار به إلى أن هذا الاعتبار هو الصحيح ذكره محمد في " النوادر "، وقال: الدرهم الكبير هو ما يكن مثل عرض الكف.
م:(ويروى من حيث الوزن وهو الدرهم الكبير المثقال) ش: أي اعتبار الوزن في الدرهم، هو الدرهم الكبير المثقال، ذكر هذا عن محمد أنه ذكره في كتاب " الصلاة " إلى اعتبار الدرهم الكبير المثقال.
قال الأترازي: وقوله: الكبير المثقال يجوز برفع اللام على أنه صفة بعد صفة، أي الدرهم الموصوف بأنه مثقال، ويجوز بجر اللام للإضافة كما في الحسن الوجه، فافهم. و [قال] بعض المتقلدين الفقه في الدين: الأحسن لم [ ... ] ،، ومن لا يعلم الإعراب يظن أن المثقال لا يجوز جره لأنه يلزم حينئذ دخول اللام في المضاف ولهذا [ذلك] إلا من سوء فهمه وقلة علمه وعدم إدراكه؛ لأن الإضافة اللفظية يجوز فيها دخول اللام في المضاف م:(وهو ما يبلغ وزنه مثقالاً) ش: أي الدرهم الكبير هو الذي يبلغ وزنه مثقالاً وانتصاب مثقالاً على أنه مفعول يبلغ ومعناه ما يصل إليه كما في قولك: بلغت لمكان كذا، معناه: وصلت إليه، وكذلك إذا شارفت عليه، ومنه قَوْله تَعَالَى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}[البقرة: ٢٣٤](البقرة: الآية ٢٣٤) ، أي قاربنه وشارفن عليه.