للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه قد يحتاج فيه إلى أن يسير دابته للاستقاء، وقد يطول الرشاء، وبئر العطن للاستقاء منه بيده، فقلت الحاجة فلا بد من التفاوت. وله ما رويناه من غير فصل.

ــ

[البناية]

العادية خمسون ذراعا» . قال ابن المسيب: وأرى أن حريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع.

فإن قلت: أخرج الدارقطني في " سننه " عن الحسن بن أبي جعفر عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضوان الله تعالى عنه - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «حريم البئر البدي خمسة وعشرون ذراعا، وحريم البئر العادية خمسون ذراعا، وحريم العين السائحة ثلاثمائة ذراع، وحريم عين الزرع ثلاثمائة ذراع» .

قلت: هذا معلول بابن أبي جعفر؛ لأنه ضعيف.

فإن قلت: روى الدارقطني أيضا عن محمد بن يوسف المقري: حدثنا إسحاق بن أبي حمزة، حدثنا يحيى بن أبي الخطيب، حدثنا هارون بن عبد الرحمن، عن إبراهيم بن عبلة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعا نحوه.

قلت: قال الدارقطني: الصحيح عن ابن المسيب المرسل، ومن أسنده فقد وهم.

م: (ولأنه قد يحتاج فيه) ش: أي في الناضح م: (إلى أن يسير دابته للاستقاء، وقد يطول الرشاء) ش: وهو الحبل م: (وبئر العطن للاستقاء منه بيده، فقلت الحاجة فلا بد من التفاوت) ش: بين بئر العطن، وبئر الناضح. وعن محمد في " النوادر ": إن كان الحبل سبعون ذراعا، يكون الحريم سبعون ذراعا، لأن في بعض البلاد الناضح لا يدور حول البئر كما في الطاحونة، بل يسد أحد طرفيه على البعير، والآخر على الدولاب فوق الماء، ثم يساق البعير فكل ما سار مقدار الحبل ارتفع الدلو إلى رأس البئر، فلو قدرناه بالسبعين لا يمكنه الانتفاع بها.

م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (ما رويناه) ش: أشار إلى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حفر بئرا فله مما حولها أربعون ذراعا عطنا لماشية العطن» م: (من غير فصل) ش: أي بين العطن والناضح، احترز بأنه مقيد بقوله: عطنا لماشيته، فيكون قد فصل بين العطن والناضح.

وأجيب: بأن ذكر ذلك اللفظ للتغليب لا للتقييد، فإن الغالب في انتفاع الآبار في الفلوات هذا الطريق ليكون ذكر العطن ذكرا لجميع الانتفاعات، كما في قَوْله تَعَالَى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] (الجمعة: الآية ٩) ، قيد بالبيع لما أن الغالب في ذلك اليوم البيع، وكذلك قوله -سبحانه وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠] (النساء: الآية ١٠) ، والوعيد ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>