للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعام المتفق على قبوله والعمل به أولى عنده من الخاص المختلف في قبوله والعمل به. ولأن القياس يأبى استحقاق الحريم لأن عمله في موضع الحفر والاستحقاق به، ففيما اتفق عليه الحديثان تركناه، وفيما تعارضا فيه حفظناه،

ــ

[البناية]

مخصوصا بالأكل، ولكن الغالب أمره الأكل فأخرجه على ما عليه الغالب. م: (والعام المتفق على قبوله) ش: وهو قوله: من حفر بئرا فله مما حوله أربعون ذراعا، وعمومه مستفاد من كلمة " من " لأنها تفيد العموم، وكونه متفقا على قبوله، لأن له موجبين: أحدهما: أن يكون الحريم أربعون ذراعا، والثاني: أن لا يكون زائدا عليه، لأنه ذكر بكلمة من وهي للتبعيض، والتبيين ممتنع عليه الزيادة، وهي قد عملا بأحد الموجبين.

وإن لم يعملا بالموجب الآخر وهو ممتنع الزيادة، وفي الستين يكون أربعون وزيادة، وهذا كما اعتبر في باب العشر قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما سقته السماء ففيه العشر» للاتفاق على قبوله، وترك العمل بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» للاختلاف في قبوله. م: (والعمل به) ش: أي بالعام المتفق على قبوله م: (أولى عنده) ش: أي عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (من الخاص المختلف في قبوله والعمل به) ش: أراد بالخاص حديث الزهري، وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حريم العين....» إلى آخره.

فإن قلت: لا نسلم عموم الأول، لأن معناه من حفر بئر العطن فله مما حولها أربعون ذراعا، وهو خاص بالعطن كما ترى.

قلت: ليس عطنا صفة لبئر حتى يكون مخصصا، وإنما هو بيان الحاجة إلى الأربعين، فيكون دافعا لمقتضى القياس، فإنه ينافي استحقاق الحريم، لأن عمل الحافر في موضع الحفر استحقاقه بالعمل، ففي موضع الحفر استحقاقه كما تركناه به.

فإن قيل: ما تركه في الناضح أيضا حديث الزهري لئلا يلزم التحكم.

قلنا: حديثه فيه معارض بالعموم، فيجب المعين إلى ما بعده وهو القياس فحفظناه، وهذا كله حاصل معنى قوله: م: (ولأن القياس يأبى استحقاق الحريم لأن عمله في موضع الحفر والاستحقاق به) ش: أي بالحفر م: (ففيما اتفق عليه الحديثان) ش: وهو أربعون ذراعا م: (تركناه) ش: أي القياس م: (وفيما تعارضا) ش: أي الحديثان م: (فيه) ش: أي فيما زاد على الأربعين إلى الستين م: (حفظناه) ش: أي القياس تحقيقه أن الحديثين اتفقا على الأربعين. فترك القياس في هذا القدر. وفيما وراء الأربعين تعارضا، لأن العام ينفيه، والخاص يثبته فتساقطا، فعملنا بالقياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>