ولأنه قد يستقي من العطن بالناضح، ومن بئر الناضح باليد فاستوت الحاجة فيهما،
ويمكنه أن يدير البعير حول البئر، فلا يحتاج إلى زيادة مسافة. قال: وإن كانت عينا فحريمها خمسمائة ذراع لما روينا،
ــ
[البناية]
فإن قلت: كيف يتعارضان، وقد ذكر القبول في أحدهما، والاختلاف في الآخر؟.
قلت: يعني به صورة المعارضة كما يقال: إذا تعارضا المشهور مع خبر الواحد ترجح المشهور، وعدم التعارض معلوم.
م:(ولأنه قد يستقي من العطن بالناضح، ومن بئر الناضح باليد فاستوت الحاجة فيهما) ش: أي في العطن والناضح، وهذا في الحقيقة جواب عما قالا، فلا بد من التفاوت لا يقال: إن بئر الناضح الغالب فيها البعير لا اليد للحرج؛ لأنا نقول: بئر الناضح عندهم لا على حسب ما يكون في بلادنا أن البعير يدور حول البئر كما في الطاحونة، ولكن عندهم بئر الناضح أن يشد الحبل في وسط البعير، ويشد الدلو في الطرف الآخر في الحبل، ثم يساق فإذا ساق مقدار الحبل يقع الدلو في رأس البئر فيؤخذ الماء، فإذا كان بئر الناضح عندهم على هذا التفسير يمكنه نزح الماء باليد، ويمكن في العطن بالناضح أيضا فاستويا، كذا في " المبسوط " و " الذخيرة ".
م:(ويمكنه أن يدير البعير) ش: أي يمكن أن يستقي بإدارة البعير م: (حول البئر، فلا يحتاج إلى زيادة مسافة) ش: لعدم الامتداد، وهذا ظاهر م:(قال: وإن كانت عينا فحريمها خمسمائة ذراع) ش: أي قال القدوري: وعند الأئمة الثلاثة يقدر ما لا بد منه في الارتفاق بحسب العلاة م: (لما روينا) ش: أشار به إلى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حريم العين خمسمائة ذراع» .
ولفظ القدوري مختلف؛ في بعض النسخ: خمسمائة ذراع، وفي بعضها: ثلاثمائة ذراع، وعلى الثاني اعتمد في " شرح الأقطع "، فلأجل اختلاف النسخ قال صاحب " النافع ": وإن كان عينا فحريمها خمسمائة في رواية، وفي رواية ثلاثمائة، وشيخ الإسلام خواهر زاده لم يذكر في " مبسوطه " سوى خمسمائة.
قال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: والأصح عندي خمسمائة، لأنه يوافق لحديث الزهري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«حريم العين خمسمائة ذراع» وهذا هو التوفيق، نص عليه الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مختصره "، فقال: ومن حفر عينا في أرض موات، وملكها بما يملك مما ذكرنا فله حريمها وهو خمسمائة ذراع من كل جانب من جوانبها، انتهى.
والتقدير بثلاثمائة بالاجتهاد حتى يأمن من الضرر بإثبات هذا القدر من الحريم إذا حفر