والذي يصب عليه الماء بعدما ذهب ثلثاه بالطبخ حتى يرق، ثم يطبخ طبخة حكمه حكم المثلث
ــ
[البناية]
وذكر الإمام الزاهد نجم الدين عمر النسفي: أن إباحة نبيذ التمر والزبيب يجب اعتقادها كيلا يؤدي إلى تفسيق الصحابة والتابعين. وروي عن أبي حنيفة أنه قال: من إحدى شرائط مذهب أهل السنة والجماعة أنه لا يحرم نبيذ التمر. وروي عنه أنه قال: لا أحرمها ديانة، ولا أشربها مروءة.
م:(ثم هو محمول على القدح الأخير، إذ هو المسكر حقيقة) ش: هذا جواب بطريق التسليم، يعني سلمنا أن هذا الحديث صحيح، ولكنه محمول على القدح الأخير؛ لأن المسكر هو القدح الأخير حقيقة واردة ما قبله من الأقداح مجاز، وإذا أمكن العمل بالحقيقة لا يصار إلى المجاز، وقد مضى تحقيق الكلام فيه.
ومما يدل على أن المراد وهو القدح المسكر لا القليل ما ذكره ابن قتيبة في كتابه الأشربة «عن زيد بن علي بن الحسين بن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: أنه شرب هو وأصحابه نبيذا شديدا في وليمة، فقيل له: يا ابن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حدثنا بحديث سمعته من أبي بكر عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في النبيذ. قال: حدثني أبي عن جدي علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:"ينزل أمتي على منازل بني إسرائيل حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل، إن الله سبحانه وتعالى ابتلى بني إسرائيل بنهر طالوت، أحل لهم منه الغرفة، وحرم منه الشرب، وإن الله سبحانه وتعالى ابتلاكم بهذا النبيذ، وأحل منه القليل، وحرم منه السكر» .
ومن ذلك ما ذكره في " المحيط ": أنه روي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «كل مسكر حرام" فقيل: يا رسول الله: إن هذا الشراب إذا أكثرنا منه سكرنا، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ليس كذلك إذا شرب تسعة فلم يسكر فلا بأس به، وإذا شرب العاشر فسكر فذلك حرام» ولهذا قال أبو يوسف: لو شرب تسعة أقداح من النبيذ فلم يسكر فأوجر العاشر وسكر فلا حد عليه، ولو أوجر التاسعة وشرب القدح العاشر بالاختيار وسكر يحد.
م:(والذي يصب عليه الماء بعدما ذهب ثلثاه بالطبخ حتى يرق، ثم يطبخ طبخة حكمه حكم المثلث) ش: إنما لم يذكر اسم هذا النوع من الأشربة لاختلاف وقع فيه، قال منهم من سماه: يا يوسفي، ويعقوبي، لأن أبا يوسف كان كثيرا ما يستعمله، ومنهم من سماه نجيحا، وحميديا؛ لأنه منسوب إلى رجل اسمه حميد بن هانئ، ومنهم من يقول: جمهوري منسوب إلى