التشهد، وحكمها سقوط الواجب بالأداء في الدنيا، وحصول الثواب الموعود في الآخرة.
وحكمتها تعظيم الله تعالى بجميع الأركان بالأعضاء ظاهرها وباطنها تنزها عن عبادة الأوثان قولا وفعلا وهيئة وثبوت نفس الصلاة بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: ١٠٣](النساء: الآية ١٠٢) ، أي فرضا مؤقتا، وغيرها من الآيات.
وأما السنة: فحديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» . متفق عليه.
وأما الإجماع، فقد أجمعت الأمة من زمن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى يومنا هذا من غير نكير منكر ولا رد راد، فمن أنكر شرعيتها فقد كفر بلا خلاف.
وأما فرضية الخمس فقوله تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[البقرة: ٢٣٨](البقرة: الآية ٢٣٨) ، وهذه الآية قاطعة الدلالة على فرضية الخمس لأنه تعالى فرض جمعا من الصلوات والصلاة الوسطى معها وأقل جمع صحيح معه وسطى هو الأربع دون الثلاث، وما قيل: إن اللام إذا دخلت على الجمع يراد بها الجنس، لا يستقيم هاهنا لأنه إنما يراد به الجنس إذا لم يكن ثمة معهودة فهو منه، وهاهنا يرجع إلى المفروضات في الشرع. ولئن سلم حمله على الجنس لا يمكن حمله على أقل الجنس، هاهنا بالإجماع ولا على كله بالإجماع، فعلم أن المراد أقل الجمع الذي يصح به الوسطى خمس، وعلى قول أكثر أهل اللغة لا تصير للجنس بدخول اللام بل يبقى جمعا عاما في أنواع الجموع، وهو اختيار صاحب " الكشاف " و " المفتاح "، فحينئذ لا يرد الإشكال وهو قَوْله تَعَالَى:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ}[الروم: ١٧](الروم: الآية ١٧) أراد به المغرب والعشاء، وحين تصبحون أراد به الصبح وعشيا أراد به صلاة العصر وحين تظهرون الظهر.
وأما من السنة، فحديث طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب قال: «جاء إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجل من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفهم ما يقول حتى دنى من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " خمس صلوات في اليوم والليلة "، فقال: هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع.» رواه البخاري ومسلم. قوله ثائر الرأس أي منتفش الشعر، وطلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرة بالجنة، قتل يوم الجمل لعشر خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، ودفن بالبصرة.