قلت: جاء في " مسند الحارث بن أبي أسامة " من حديث أسامة بن زيد «أن جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أتاه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في أول ما أوحي إليه فعلمه الوضوء والصلاة» . وابن ماجه بلفظ:«علمني جبريل الوضوء» . وذكر الحربي أن الصلاة قبل الإسراء كانت صلاة قبل غروب الشمس، وصلاة قبل طلوعها. قال الله تعالى:{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}[غافر: ٥٥](غافر: الآية ٥٥) . وذكر الحكيم الترمذي: أن أول فرض كتب على هذه الأمة الصلاة، وأهلها مسئولون عنها يوم القيامة، في أول حشر من الحشور السبعة.
وفي " صحيح البخاري " عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر» . وفي " الصحيح «فرضت الصلاة بمكة ركعتين ركعتين فلما هاجر فرضت أربعا وأقرت في صلاة السفر ". وفي رواية " بعد الهجرة بسنة» ، وفي " مسند أحمد ": «فرضت ركعتان ركعتان إلا المغرب فإنها كانت ثلاثا» ". وقال ابن عمر وروي «عن ابن عباس أن الصلاة فرضت في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين» وبذلك قال نافع، وابن جبير، والحسن، وابن جريج، ولا خلاف في أن فرض الصلوات الخمس كانت ليلة المعراج، وروي البيهقي من طريق موسى بن عقبة عن الزهري أنه قال: أمر بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل خروجه إلى المدينة بسنة، وعن [......] : فرض على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخمس ببيت المقدس ليلة أسري به قبل ثمانية عشر شهرا، وقال القرطبي، وعياض: لا خلاف أن خديجة صلت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد فرض الصلاة وأنها توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل بخمس سنين. والعلماء مجمعون أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء.
فإن قلت: ما الحكم في كون الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات، والصبح ركعتين، والمغرب ثلاثا؟
قلت: كل صلاة صلاها نبي؛ فالفجر صلاها آدم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حين خرج من الجنة، وأظلمت الدنيا عليه وجن الليل، فلما انشق الفجر صلى ركعتين الأولى: شكرا للنجاة من ظلمة الليل، والثانية: شكرا لرجوع ضوء ذلك النهار، فكان متطوعا عليه وفرضا علينا. والظهر صلاها إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حين أمر بذبح الولد وذلك عند الزوال. الأولى: شكرا لزوال غم الولد، والثانية لمجيء الفداء، والثالثة لرضى الله تعالى، والرابعة شكرا لصبر ولده، وكان متطوعا وفرض علينا. والعصر صلاها يونس - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حين أنجاه الله تعالى من أربع ظلمات: ظلمة الذلة، وظلمة البحر، وظلمة الحوت، وظلمة الليل. والمغرب صلاها عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الأولى لنفي الألوهية عن نفسه، والثانية: لنفي الألوهية عن أمه، والثالثة: لإثبات الألوهية لله