للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

ينصرف هذا النهي إلى مكة حتى لا تكره النوافل فيها انتهى. وقال صاحب " الدراية ": قوله حجة على الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وتخصيص الفرائض ومكة.

وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يجوز في هذه الأوقات الفرائض ومن النوافل ما له سبب كتحية المسجد، وركعتي الطواف، وكذا في الجمعة بعد الزوال انتهى.

وقال الأترازي: قوله والحديث بإطلاقه حجة على الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في تخصيص الفرائض ومكة. - وفي بعض النسخ وبمكة بالباء - والصحيح أن يذكر ومكة بلا باء، بيانه أن الشافعي يخص الفرائض من جميع الصلاة ويقول: إن النهي ورد في حق النفل لا في حق الفرائض بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» فإن ذلك وقتها. نعلم أن الفرض ليس بمنهي عنه حتى تجوز الفرائض في الأوقات المكروهة بلا كراهة في جميع البلدان.

أما النوافل فإنها تكره في هذه الأوقات إلا بمكة، فإن مكة مخصوصة من سائر البلدان لما روى أبو داود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النهي عن الصلاة في هذه الأوقات مقرونا بقوله: " إلا بمكة، فإذن تجوز الفرائض في جميع البلدان في مكة وغيرها لأن الفرائض خصت من جميع الصلاة، وتجوز النوافل بمكة خاصة لأن مكة خصت من جميع البلدان، وعلى هذا التقدير لا يفهم إلا على رواية مكة بدون الباء فافهم، انتهى.

١ -

قال الأكمل: ما يخصه إن أراد بقوله لا يجوز الفرض وحده وإن النفل جائز مكروه، ولم يستقم جعل الحديث حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في تجويز النوافل وإن كان مراده عدم الجواز في الفرض والنفل جميعا لزم عليه ما نقل عن الكرخي والإسبيجابي وهو أن النوافل تجوز وتكره، وإن كان الجواز مع الكراهة فما لم يكن الحديث حجة لنا على الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلا إذا أثبته أن أصحابنا يقولون بالجواز مع الكراهة، وهو يقول بالجواز بلا كراهة.

قال: ولم أطلع على ذلك فيما وجدته من النسخ وإن كان عدم الجواز في الفرض والجواز في النفل مع الكراهة فإن في بعض الروايات لزم اختلاف معنى اللفظ للواحد مراد نزلا على سبيل الكناية وهو غير جائز. وأرى أن المراد عدم الجواز في الفرض والنفل على بعض الروايات ولا يلزمه ما نقل عن الكرخي والإسبيجابي لأنه اختار خلافه وإذا ظهر لك ما قررناه تبين لك أن النسخة الصحيحة هو أن يقال حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في تخصيص الفرائض بمكة، لأنه هو الذي يقيد ما ذكرنا من مذهبه، وإن كان فيه إعلام دون ما عداه وهو ما وقع في بعضها من

<<  <  ج: ص:  >  >>