للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

قوله في تخصيص الفرائض والنوافل بمكة، وفي بعضها في التخصيص بمكة، وفي بعضها ولم يذكر النوافل.

قلت: هذه الترديدات والتصرفات البحثية كلها من عدم الوقوف على نص مذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وعدم الرجوع إلى أمهات كتب أصحابه فنقول مذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - جواز الفرائض في هذه الأوقات، ومن النوافل ما له سبب كتحية المسجد وركعتي الطواف دون النوافل المطلقة، وفي مكة يجوز النوافل المطلقة أيضا.

وقال النووي في " الروضة ": يجوز في هذه الأوقات قضاء الفرائض والسنن والنوافل التي أخذها الإنسان وردا له وتجوز صلاة الجنازة وسجود التلاوة وسجود الشكر وركعتا الطواف وصلاة الكسوف، ولا يكره فيها صلاة الاستسقاء على الأصح.

وعلى الثاني يكره كصلاة الاستخارة ويكره ركعتا الإحرام على الصحيح. فأما تحية المسجد فإن اتفق دخوله الفرض كدرس علم أو اعتكاف أو انتظار صلاة ويجوز ذلك ثم يكره، وإن دخل لا لحاجة بل ليصلي التحية فوجهان أقيسهما الكراهة انتهى.

فإذا عرفت هذا عرفت أن نقل السنغاقي عن مذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بقوله: فإن عند الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تجوز الفرائض في هذه الأوقات في جميع الأمكنة دون النوافل، وفي مكة تجوز الفرائض في عنده والنوافل ليس كما ينبغي، وكذلك ما قاله الأترازي، فإذا قابلت كلامهما بالذي قلنا آنفا عرفت أن نقلهما عن مذهب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ليس على ذلك، وكذلك ما قاله الأكمل بقوله تبين أن النسخة الصحيحة إلى آخره والأقرب إلى المطالعة ما قاله صاحب " الدراية " ثم فسر النسخة التي هي قوله: (والحديث بإطلاقه) يعني بكونه متنا ولا للفرض والنفل حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وتخصيص الفرائض بالجواز في هذه الأوقات أي فرض كان وفي أي مكان كان.

قوله م: (والنوافل) ش: أي وفي تخصيص النوافل بالجواز فيها حال كونها فيها بمكة أي نفل كان ولا تدل هذه العبارة على جواز النفل الذي له سبب في غير مكة، فقلت إن النسخ كلها قاصرة على الدلالة على ما ينبغي؛ ثم حجة الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مما ذهب إليه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها» ، جعلت وقت التذكير وقتا للفائتة مطلقا وله في جواز النفل بمكة شرفها الله تعالى الوارد في حديث عقبة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلا بمكة. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمور الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة

<<  <  ج: ص:  >  >>