لأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - واظب عليه. فإن اقتصر على أحدهما جاز عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
ــ
[البناية]
قال الشافعي وأبو ثور، وقال سعيد بن جبير والنخغي وإسحاق: يجب السجود عليهما. وعن مالك وأحمد رحمهما الله روايتان كالمذهبين، ثم إذا جمع بينهما قيل يقدم الجبهة على الأنف، وقيل يقدم الأنف عليهما، حكاه الأسبيجابي.
م:(لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واظب عليه) ش: أي على السجود على الأنف والجبهة، ومواظبته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك تفهم من أحاديث جاءت في هذا الباب، منها حديث أبي حميد رواه البخاري في "صحيحه "، وفيه:«ثم سجد فأمكن أنفه من جبهته من الأرض» ، ورواه أبو داود والنسائي كذلك. ومنها حديث وائل رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده، والطبراني في "معجمه " وفيه: «كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يضع أنفه على الأرض مع جبهته» .
ومنها حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رواه ابن عدي في "الكامل " وفيه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من لم يلصق أنفه مع جبهته بالأرض إذا سجد لم تجز صلاته» وفيه الضحاك بن حمزة، قال ابن معين: ليس بشيء.
ومنها حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أخرجه الدارقطني قالت: «أبصر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امرأة من أهله تصلي ولا تضع أنفها بالأرض فقال:"ما هذا؟ ضعي أنفك بالأرض فإنه لا صلاة لمن لم يضع أنفه بالأرض مع جبهته في الصلاة» وفيه ثابت بن عمرو الشيباني، وهو ضعيف.
(فإن اقتصر على أحدهما جاز عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) الاقتصار على الأنف والجبهة يجوز عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - مطلقا، لكن بلا عذر يكره. وفي " المبسوط ": السجدة جائزة عند أبي حنيفة وتكره في " التجنيس " لو وضع جبهته على حجره. غير أن وضع أيسرها على الأرض يجوز وإلا فلا.
أبو حنيفة يقول: ينبغي أن يضع مع جبهته مقدار الأنف حتى جاز وإلا فلا. وفي " البدائع " و " التحفة ": إن وضع الجبهة وحدها من غير عذر تجوز عند أبي حنيفة بلا كراهة، وفي الأنف وحده يجوز مع الكراهة، والمستحب الجمع بينهما في حالة الاختيار بلا خلاف، وفي " المفيد " و " المزيد " وضع الجبهة وحدها والأنف وحده يكره ويجزي عنده.
فإن قلت: قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا سبقه إلى هذا القول ولا تابعه عليه، حكي ذلك عن النووي في " شرح المهذب " وابن قدامة في " المغني ".