للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالا: لا يجوز الاقتصار على الأنف إلا من عذر، وهو رواية عنه لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم» وعد منها الجبهة،

ــ

[البناية]

قلت: ذكر الطحاوي في " شرح الآثار " أن حكم الجبهة والأنف سواء. وقال أبو يوسف عن طاووس أنه سئل عن السجود على الأنف وقال: أليس أكرم للوجه؟ قال أبو هلال: سئل ابن سيرين عن الرجل يسجد على أنفه فقال: أوما تقرأ {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: ١٠٧] (الإسراء: الآية ١٠٧) ، فالله مدحهم بخرورهم على الأذقان في السجود، فإذا يسقط السجود على الذقن بالإجماع بصرف الجواز إلى الأنف لأنه أقرب إلى الحقيقة لعدم الفصل بينهما بخلاف الجبهة، إذ الأنف فاصل بينهما فكان من الجبهة، وقال تقي الدين العبدي: وهو قول مالك.

وذكر في " المبسوط " جواز الاقتصار على الأنف عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال في العارض: في بعض طرق حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يسجد على سبعة أعظم، الجبهة أو الأنف» وقال بعض شراح مسلم أن المراد من ذكر الجبهة أو الأنف لئلا تصير ثمانية، ويدل عليه أو الأنف في الرواية المذكورة.

وقول ابن المنذر: لا أعلم أيضا فيه منه إذ ما جهله أكثر مما علمه. وما ذكر تحامل منه وتعصب، وقد بينا من قال بقوله قبله وبعده من السلف والخلف.

م: (وقالا: لا يجوز الاقتصار على الأنف إلا من عذر وهو رواية عنه) ش: أي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو رواية أسد بن عمرو عنه، وفي " الوبري ": لو كان على أحدهما عذر جاز السجود على الآخر بلا كراهية في قولهم جميعا، ولو ترك السجود على المعذور منها وأدى لا يجوز اتفاقا، وإن كان بهما عذر يومئ ولا يسجد على غيرهما كالخد والذقن، ويومئ قاعدا وإن قدر على القيام، وبقولهما قال الشافعي وأحمد رحمهما الله في رواية، وقال أحمد في رواية: يجب السجود، وقال إسحاق وبعض أصحاب مالك: إن اقتصر على وضع الجبهة أعاد في الوقت، وإن اقتصر على الأنف أعاد أبدا، وفي " المجمع ": وعلى قولهما الفتوى.

م: (لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، وعد منها الجبهة» ش: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن طاووس عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين» ، وفي لفظ لهم: «أمر النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أن يسجد على سبعة أعضاء» فذكرها.

وجه الاستدلال به ظاهر لأنه ذكر الجبهة من السبعة.

فإن قلت: لا يتم الاستدلال لهما بهذا الحديث، ألا ترى أنه لو ترك وضع اليدين والركبتين جازت سجدته بالإجماع، وهذه الأعضاء الأربعة من تلك السبعة، فحينئذ يستقيم لأبي حنيفة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>