للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

الأمر بالسكون إذا خرجوا من الصلاة بالسلام، وحديث إنكار رفع اليدين والأمر بالسكون مقيد بداخل الصلاة، وحديث إنكار الإيماء والإشارة بالأيدي مقيد بحال السلام الذي قد خرجوا به من الصلاة، والمقيد بقيد لا يندرج تحته مقيد آخر بقيد آخر، فالحديث الثاني غير الحديث الأول قطعا، فكيف يجعل هو فاتحة بيان يختلفان في الحكم الذي يحمل أحدهما على الآخر بلا دليل مع إنكار إفادتهما تأييد بين منقلبين هو الذي أتي بأعظم الأشياء وأقبح أنواع الجهالة بالسنة، على أن الثوري، ومالك بن أنس شيخ إمام، وأجيد بالحديث، وأعلم بالسنة، وقد رفع اليدين في الصلاة إلا عند التحريمة وهي رواية ابن القاسم عنه ورواية متقدمة على المالكية على جميع أصحابه حتى كانت القضاة بالضرب يكتبون في تقاليدهم أن لا يحكموا إلا برواية ابن القاسم الذي روى من الرفع محمول على الابتداء.

هذا جواب عما احتج به الشافعي من الذي روي من رفع اليدين في الركوع وفي الرفع سنة. وأراد بقوله: - محمول على الابتداء - أنه كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ كذا نقل عن ابن الزبير بن العوام - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وابن الزبير من الأسماء العالية على بعض [.....] المسلمين به كابن عمر وابن عباس والذي نقل عن ابن الزبير هو ما نقله البعض «أن ابن الزبير رأى رجلا يرفع يديه في الصلاة عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع فقال له: لا تفعل فإن هذا شيء فعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم تركه» قال ابن الجوزي في " التحقيق ": زعمت الحنفية أن أحاديث الرفع منسوخة بحديثين رووا.

أحدهما: عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرفع يديه كلما ركع وكلما رفع، ثم صار إلى افتتاح الصلاة ترك ما سوى ذلك» .

والثاني: رووه «عن ابن الزبير أنه رأى رجلا يرفع يديه من الركوع فقال: مه فإن هذا شيء فعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم تركه» وهذان الحديثان لا يعرفان أصلا، وإنما المحفوظ عن ابن عباس وابن الزبير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - خلاف ذلك فأخرج أبو داود عن ميمون، لكن أنه رأى ابن الزبير وصلى بهم يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع وحين يسجد، قال: فذهبت إلى ابن عباس فأخبرته بذلك فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير، ولو صح ذلك لم يصح دعوى النسخ؛ لأن شرط الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ.

قلت: قوله: لا يعرفان أصلا لا يستلزم عدم معرفة أصحابنا هذا ودعوى النافي ليست بحجة على المثبت وأصحابنا أيضا ثقات لا يرون الاحتجاج بما لم يثبت عندهم صحته،؛ لأن هذا أمر الدين، فالمسلم لا يستهزئ فيه، ويؤيد ما روي من عدم الرفع عند الركوع وعند الرفع منه ما رواه الطحاوي - رَحِمَهُ اللَّهُ - حديث ابن أبي داود قال: أنبأ أحمد بن عبد الله بن يونس قال: ثنا أبو بكر

<<  <  ج: ص:  >  >>