بن عياش، عن حصين، عن مجاهد قال: صليت خلف ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلم يكن يرفع يديه في التكبير الأول من الصلاة.
قال الطحاوي: فهذا ابن عمر قد رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرفع ثم ترك هو الرفع بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده نسخ ما قد كان رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعله، وإسناد ما رواه الطحاوي صحيح وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة في "مصنفه " ثنا أبو بكر بن عياش، عن مجاهد قال: ما رأيت ابن عمر يرفع يديه إلا في أول ما يفتح.
فإن قلت: هذا حديث مسند؛ لأن طاوسا قد ذكر أنه رأى ابن عمر يفعل ما يوافق ما روي عنه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ذلك.
قلت: يجوز أن يكون ابن عمر فعل ما رواه طاوس يفعلها قبل أن تقوم الحجة عنده بنسخه، ثم قامت الحجة عنده بنسخه فيه له وفعل ما ذكره عنه مجاهد وهكذا ينبغي أن يحمل ما روى عنهم وينفي عنهم الوهم حتى يتحقق ذلك، ولا يكثر أكثر الروايات.
وأما الجواب عن أحاديث الخصم فنقول: أما حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فإنه روي عنه خلاف ذلك فقال الطحاوي: أما ابن أبي داود إلى آخر ما ذكرناه الآن.
أما حديث أبي حميد الساعدي، فإن أبا داود وقد أخرجه من وجوه كثيرة أحدها عن أحمد بن حنبل، وليس فيه ذكر رفع اليدين عند الركوع والطريق الذي فيه عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد في عشر من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الحديث، وعبد الحميد عندهم ضعيف فكيف يحتجون به في مثل هذا الموضع في معرض الاحتجاج على خصمهم؟ وقالوا: عبد الحق مطعون في حديثه، روى ذلك عن يحيى بن معين، وهو إمام في هذا الباب.
فإن قلت: عبد الحميد من رجال مسلم، واحتجت به الأربعة، واستشهد به البخاري في "الصحيح "، وعن أحمد ويحيى: ثقة.
قلت: إن سلمنا ذلك ولكن الحديث معلول بحجة أخرى، وهو محمد بن عمرو بن عطاء لم يسمع هذا الحديث من أبي حميد بن عدي، ولا ممن ذكر معه في هذا الحديث مثل: أبي قتادة وغيره، وذلك؛ لأن سنده لا يحتمل ذلك؛ لأن أبا قتادة قتل مع على - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وصلي عليه كذا قال الهيثم بن عدي.
وقال ابن عبد البر: هو الصحيح، وقيل: توفى بالكوفة سنة ثمان وثلاثين، ومحمد بن عمرو بن عطاء توفي في خلافة وليد بن يزيد بن عبد الملك، وكانت خلافته في سنة خمس وعشرين ومائة، ولهذا قاله ابن حزم ولعله وهم يعني عبد الحميد.