للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

قال: إن وائلا حدث أنه رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، إن كان وائل رآه مرة يفعل ذلك فقد رآه عبد الله خمسين مرة لا يفعل ذلك.

فإن قلت: ما ذكرتموه عن إبراهيم لم يدرك عبد الله؛ لأن عبد الله توفي سنة اثنين وثلاثين من الهجرة بالمدينة، وقيل: بالكوفة وولد إبراهيم سنة خمسين كما صرح به ابن حبان.

قلت: كانت عادة إبراهيم إذا أرسل حديثا عن عبد الله لم يرسله إلا بعد صحته عنده من الرواة عنه بعد تكاثر الرواة عنه، ولا شك أن خبر الجماعة أقوى من خبر الواحد وأولى.

وأما حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المذكور فقد روي عنه ما ينافيه ويعارضه أيضا فإن عاصم بن كليب روى عن أبيه أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان يرفع يديه في تكبيره من الصلاة، ثم لا يرفعه فقد رواه الطحاوي، وأبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه "، ولا يجوز لعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن يرى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرفع ثم يترك هو الرفع بعده، ولا يجوز ذلك إلا وقد ثبت عنده نسخ الرفع في غير تكبيرة الإحرام؛ لأن هذا هو حسن الظن بالصحابة، وحديث عاصم بن كليب صحيح على شرط مسلم.

وفي سنن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن المبارك، عن الأعمش، عن الشعبي أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يرفعهما فيما بقي. وعن شعبة، عن أبي إسحاق قال: كان أصحاب عبد الله وأصحاب علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لا يرفعون أيديهم إلا في افتتاح الصلاة.

وقال وكيع: ثم لا يعودون، وعن إبراهيم أنه كان يقول: إذا كبرت في فاتحة الكتاب فارفع يديك، ثم لا ترفعهما فيما بقي وبغيره عن إبراهيم: لا ترفع يديك إلا في افتتاح الأولى.

وعن طلحة، عن خيثمة كان لا يرفع يديه إلا في بدء الصلاة. وعن يحيى بن سعيد، عن إسماعيل كان قيس يرفع يديه أول ما يدخل في الصلاة، ثم لا يرفعهما.

وعن مسلم الجهني قال كان ابن أبي ليلى يرفع يديه في أول شيء إذا كبر، قال عبد الملك: ورأيت الشعبي، وإبراهيم، وأبا إسحاق لا يرفعون أيديهم إلا حين يفتتحون الصلاة، ذكر ذلك كله أبو بكر بن أبي شيبة. ويحكى في " المبسوط " أن الأوزاعي لقي أبا حنيفة في المسجد الحرام فقال: ما بال أهل العراق لا يرفعون أيديهم عند الركوع، وعند رفع الرأس من الركوع، وقد حدثني الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يرفع يديه عندهما، فقال أبو حنيفة حدثني حماد، عن إبراهيم النخغي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - «أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كان يرفع يديه عند تكبيرة الافتتاح ثم لا يعود» .

قال عجبا من أبي حنيفة أحدثه بحديث الزهري عن سالم، وهو يحدثني بحديث حماد عن إبراهيم، فأشار إلى علو إسناده.

<<  <  ج: ص:  >  >>