للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمد طويل. وذلك مما يؤيد ما جاء في تأريخ "الطبري" وغيره من وجود العرب في إيران قبل قيام حكومة الساسانيين.

وقد أنشأ "سابور" أسطولًا قويًّا في الخليج العربي؛ ليحافظ على حدود إمبراطوريته، وعلى التجارة في هذا الماء، مع مساهمة أهل الخليج العرب أنفسهم في ركوب البحر وفي نقل التجارة ما بين الهند وسيلان وجزيرة العرب والعراق. ويظهر من روايات أهل الأخبار أن "سابور" نفسه كان في الأسطول الذي وصل إلى البحرين للانتقام من العرب الذين كانوا يهاجمون سواحل حكومته الجنوبية المطلة على الخليج١.

وفي رواية أخرى نقلها "الطبري" من مورد آخر غير مورد ابن الكلبي: أن سابور، بعد أن أثخن في العرب وأجلاهم عن النواحي التي صاروا إليها، مما قرب من نواحي فارس والبحرين واليمامة، استصلح العرب، وأسكن بعض قبائل تغلب وعبد القيس وبكر بن وائل كرمان وتوّج والأهواز٢, وقد كان ذلك بعد حربه مع الروم. والظاهر أن الأوضاع السياسية اضطرته إلى استصلاح العرب، بعد أن تبينت له صعوبة الاستمرار في سياسة العنف والقوة إلى أمد غير معلوم، وبعد ما وجد من خطر في الاستهانة بشأن القبائل، ولا يستبعد أن يكون للدرس الذي تعلمه من "أذينة" نصيب في هذا التبدل الذي أدخله على سياسته.

ويتبين من وصف "الطبري" لحملات "سابور" على العرب، أنها كانت حملات واسعة، شملت أرضين بعيدة. بدأت بمن نزل أرض فارس من العرب ممن أناخ على "أبر شهر وسواحل أردشير خرة وأسياف فارس"، ثم السواحل المقابلة لإيران من بلاد العرب، ثم امتدت نحو الغرب حتى بلغت "المدينة"، ثم منها نحو بلاد بكر وتغلب، فيما بين مسالح الساسانيين و"مناظز" الروم, أي: إنه حارب قبائل بادية السماوة. وهي حملات إن صح أنها وقعت فعلًا، فلا بد وأن تكون قد نجحت وتمت بقبائل عربية مؤيدة لـ"سابور"، إذ يصعب


١ العرب والملاحة "ص٩١", SYKES, HISTORY OF PERSIA, P.٤١٢
٢ الطبري "٢/ ٦٩ وما بعدها", "٢/ ٦١", "دار المعارف".

<<  <  ج: ص:  >  >>