للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من عمال "سابور بن أردشير" و"هرمز بن سابور" و"بهرام ابن سابور" "على فرج العرب من ربيعة ومضر وسائر من ببادية العراق والحجاز والجزيرة" في تأريخ الطبري١. وورد في تأريخ ابن خلدون نقلًا عن "السهيلي": أن "امرأ القيس" كان عاملًا للفرس على مذحج وربيعة ومضر وسائر بادية العراق والجزيرة والحجاز٢. ويظهر أن المورد الذي نقل منه "السهيلي" و"الطبري" يرجع إلى منبع واحد، هو "ابن الكلبي". وما رواه "ابن الكلبي" يتفق بوجه عام مع ما جاء في نص "النمارة" من أمر ملك وفتوح "امرئ القيس".

و"شمر" صاحب مدينة "نجران"، هو "شمر يهرعش" في رأي أكثر المستشرقين، وينطبق زمانه على زمان "امرئ القيس"٣. وإذا صح هذا الرأي نكون قد حصلنا على أول نص عربي جاهلي يشير إلى حرب نشبت بين مملكة الحيرة ومملكة "سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت" في عهد أول ملك من ملوكها وهو "شمر يهرعش" المعروف بـ "شمر يرعش" عند الإسلاميين.

وفي روايات الأخباريين ما يؤيد نشوب حرب بين عرب الحيرة وعرب اليمن في أيام "شمر يرعش"، غير أنها تناقض هذا المدون في النص عن تغلب "امرئ القيس" على نجران مدينة "شمر". فـ "شمر" عندها بطل من الأبطال، فتح الفتوح العظيمة، وبلغ ملكه حدًّا لم يصل إليه ملك "اسكندر ذي القرنين". وعندهم أيضًا أنه هو باني مدينة "سمرقند"، وهو الذي حير "الحيرة". وهو تبع الأكبر وهو وهو، على حين هو –في هذا النص- ملك مغلوب، لم يتمكن من الوقوف أمام "امرئ القيس" الذي بلغت جيوشه مدينة "نجران". فهل تجد تناقضًا أغرب من هذا التناقض؟ على أننا لو فرضنا أن "شمرًا" صاحب نجران هو رجل آخر غير "شمر يرعش"، فهذا النص يهدم بنيان الأخباريين اليمانيين القائم على أساس المبالغة في المفاخرات والمباهاة بالأجداد نكاية بالعدنانيين الذين تعالوا عليهم في الإسلام بفضل النبي وشرق الإسلام، فأحفظهم٤ ذلك جدًّا.

وقد سبق أن تحدثت عن عثور العلماء منذ عهد غير بعيد على نص أشار إلى


١ الطبري "٢/ ٦٤ وما بعدها".
٢ ابن خلدون "٢/ ١٧١ وما بعدها"، "بولاق ١٢٨٤هـ".
٣ جواد علي تأريخ العرب قبل الإسلام "٣/ ١٤١ وما بعدها".
٤ أغضبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>