للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا فارسًا منكم قتلنا ... فقلنا الرمح يكلف بالكريم

بعين أباغ قاسمنا المنايا ... فكان قسيمها خير القسيم١

وينسب إلى المنذر بناء الغريين في بعض الروايات، وكان السبب في ذلك كما يقول الأخباريون أنه كان له نديمان من بني أسد يقال لأحدهما خالد بن نضلة "مضلل" "خالد بن المضلل" والآخر عمرو بن مسعود" عمرو بن مسعود الأسدي"، فثملًا، فراجعا الملك ليلة في بعض كلامه، فأمر وهو سكران فحفر لهما حفيرتان فدفنا حيين. فلما أصبح استدعاهما، فأخبر بالذي أمضاه فيهما، فغمه ذلك، وقصد حفرتهما، وأمر ببناء طربالين عليهما، وهما صومعتان، فقال المنذر: ما أنا بملك إن خالف الناس أمري، لا يمر أحد من وفود العرب إلا بينهما، وجعل لهما في السنة يوم بؤس ويوم نعيم، يذبح في يوم بؤسه كل من يلقاه ويغري بدمه الطربالين، ويحسن في نعيمه إلى كل من يلقى من الناس ويحملهم ويخلع عليهم. وقد ظل المنذر على عادته هذه إلى أن حدث له حادث، أظهر فيه رجل ظهر يوم بؤسه وفاءً عظيمًا، فعفا عنه، وترك تلك العادة وتنصر، وكان الرجل الذي بر بوعده فحضر بعد عام ليأخذه سيف الجلاد نصرانيًّا، ولذلك تنصر المنذر. وذكروا أنه لم يكن يتورع من ذبح أعز الناس عليه إذا ظهر له يوم بؤسه. فلما ظهر الشاعر الشهير عبيد بن الأبرص الأسدي، لم ينجه شعره من مصير ذلك اليوم٢. وذكروا أن الرجل كاد يسلمه سوء طالعه إلى يد الجلاد، هو حنظلة الطائي، وأنه ترهب بعد هذا وابتنى ديرًا له هو الدير المعروف بدير حنظلة. وأما الذي كفل ذلك الرجل حتى يعود بعد عام، فرجل من أشراف القوم هو شريك بن عمرو، وذكروا أيضًا أن حنظلة هذا هو عم أياس بن قبيصة الطائي ملك الحيرة٣.


١ اللسان "٨/ ٤١٧" "بيروت".
٢ البلدان "٦/ ٢٨٣ وما بعدها"، الأغاني "٥/ ٢١٣" "دار الكتب المصرية"، البكري، معجم "ص٦٩٤. "طبعة ليدن"، ابن قتيبة. الشعر "ص ١٤٤"، الأغاني "١٩/ ٨٦"، القالي، الأمالي "٣/ ١٩٥"، "طبعة دار الكتب المصرية"، "ابن هشام "١/ ٤٠١"، شرح قصيدة ابن عبدون "١٣٢"، شعراء النصرانية "ص٦٠٠"، الحور العين، للحميري "ص ٧٦". رسالة الغفران "١٨٢"، طبقات ابن سلام "٣١".
٣ شعراء النصرانية "ص ٨٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>