للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرزوق"، أقام في برية الحيرة في حصن حفنة، وأخذ يقاتل منه الأعراب١.

وفي رواية لـ "حمزة الأصفهاني" أن كسرى لما سخط على النعمان بن المنذر واستدرجه إليه من وسط البادية، رمى به إلى أرجل الفيلة، واستباح أمواله وأهله وولده، وأمر أن يباعوا بأوكس الأثمان٢.

وتذكر بعض الروايات سبب غضب "كسرى" على النعمان، أن "زيد" وهو ابن المقتول "عدي بن زيد" الذي نال مكانة عظيمة عند كسرى، أو عمه، كانا قد دبرا مكيدة للإيقاع بالنعمان. فلما طلب "ابرويز" النساء دخل عليه "زيد"، فكلمة فيما دخل فيه، ثم قال: إني رأيت الملك كتب في نسوة يطلبن له، فقرأت الصفة، وقد كنت بآل المنذر عالمًا، وعند عبدك النعمان من بناته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة. قال فتكتب فيهن. قال: أيها الملك، إن شر شيء في العرب وفي النعمان خاصة أنهم يتكرمون عن العجم، فأنا أكره أن يغيبهن، فابعثني وابعث معي رجلًا من العجم من حرسك يفقه العربية، حتى أبلغ ما تحبه. فبعث معه رجلاً جليدًا فخرج به زيد حتى بلغ "الحيرة". فلما دخل على الملك النعمان، قال: إنه قد احتاج إلى نساء لأهله وولده، وأراد كرامتك بصهره، فبعث إليك. فشق عليه، فقال لزيد: أما في بقر السواد وفارس ما يكفيه حتى يطلب ما عندنا؟ فقال زيد للنعمان: إنما أراد كرامتك، ولو علم أن هذا يشق عليك، لم يكتب إليك به. وعادا. فلما دخلا على "كسرى"، وقصا عليه ما وقع وحدث، عرف الغضب في وجهه، ووقع في قلبه منه ما وقع. وسكت "كسرى" على ذلك أشهرًا، ثم فعل ما فعل بالنعمان٣. وانتقم "زيد" بهذه المكيدة من النعمان قاتل والده.

وقد أشير إلى مصرع النعمان في شعر عدد من الشعراء مثل سلامة بن جندل،


١ Histoirenestorienne, Iime Partie, PP. ٥٣٦, ٥٤٦.
٢ حمزة "ص٤٢".
٣ الطبري "٢/ ٢٠١ وما بعدها"، نوادر المخطوطات، المجموعة الثالثة، رسالة أبي غرسيه "ص ٢٥٠-٢٥١"، رسالة أبي يحيى بن مسعدة "ص٢٧٧"، رسالة لأبي الطيب بن من القروي "٣١٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>