للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"النعمان بن المنذر"، وأنه أكرمه وقدره وحباه، وتكلم إليه في جماعة من قومه، كانوا في سجنه مقيدين مكبلين بالسلاسل حتى صفح عنهم، وأطلق لهم حريتهم، وهم أبي ونعمان وعمرو ووافد، وهم جماعة من أهل يثرب، كانوا قد حبسوا في سجن "النعمان". فأما "أبي"، فهو "أبي بن كعب بن قيس بن معاوية" من "بني النجار". وأما "نعمان"، فإنه نعمان بن مالك بن قوقل بن عوف بن عمرو"، وأما "وافد"، فإنه "وافد بن عمرو بن الإطنابة بن عامر" من الخزرج. ولم يذكر "حسان" سبب حبس "النعمان" لهم، ووضعهم في السجن مكبلين بالحديد، مقفولًا عليهم١.

وقد ذهب "نولدكه" إلى احتمال كون "ابن سلمى" أميرًا من أمراء الغساسنة، كما ذهب إلى أن "أبيًّا" الذي كان في جملة المحكومين هو "أبي بن ثابت" وهو شقيق حسان٢.

ويظهر من كلام أهل الأخبار أن النابغة الذبياني كان من أكثر الشعراء صلة بالنعمان، وفي الشعر الذي يرويه الأخباريون عنه وينسبون قوله إليه، شيء كثير من المناسبات التي وقعت بين الملك وبين هذا الشاعر، وقد استاء خصوم النابغة من قربه من النعمان، ونيله جوائزه وألطافه، فسعوا به إليه حتى غضب عليه، وهم بقتله، ولم ينجه من القتل إلا هربه من آل جفنه ملوك عرب الشأم، فبقي في كنفهم مدة، ثم عاوده الحنين إلى صاحبه وحاميه القديم النعمان، فاعتذر إليه، وتنصل من التهم التي ألصقها خصومه به، وعاد يأخذ جوائزه ونعمه كما كان٣.

وذكر أن النعمان بن المنذر كان يكرم "النابغة" ويحبوه دومًا، أمر له مرة بمائة ناقة بريشها من نوق عصافيرة، المعروفة بهجائن النعمان، وجام وآنية من فضة، وكانوا إذا حبا الملك بعضهم بنوق يغمزون في أسنمتها ريش النعام ليعلم أنها حباء الملك٤. ذكر "حسان بن ثابت" أنه وفد على النعمان بن المنذر فمدحه


١ البرقوقي "ص ١١٤، ٣٧٧"، ديوان حسان "P.١٧" "هرشفلد".
٢ غسان "ص ٤٧".
٣ الأغاني "١٥/ ٢٧ وما بعدها" "دار الكتب المصرية"، شعراء النصرانية "٦٤١، ٦٤٩ وما بعدها"، المعاني الكبير "٢/ ١١٣٠"، أمالي المرتضى "١/ ٢٦٤".
٤ أمالي المرتضى "١/ ٢٦٥ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>