للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمزقت على عهده كل ممزق عند هربهم من سيل العرم، فأتخذت العرب افتراق الأزد عن أرض سبأ بسيل العرم، فقالوا: "ذهبت بنو فلان أيادي سبأ"١. ومال "نولدكه" إلى هذا التفسير الأخير، فرأى أنه مأخوذ من الآية: {فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} ٢.

ويظهر أن الغساسنة اخترعوا أسطورة تمزيق الثياب، للإشارة إلى غنى جدهم "عمرو" واقتداره٣. وأما ما ذهب إليه "نولدكه"، فهو في نظري نوع من الظن، استخرجه من هذا التفسير الثاني الذي رواه الأخباريون في تفسير الكلمة الخاص بتفرق الأزد عن أرض سبأ لحدوث السيل.

وقد زعم أنه نزح معهم من اليمن قومهم من الأزد، فنزل المدينة رهط "ثعلبة العنقاء بن عمرو بن عامر ومنهم الأوس والخزرج، ونزل مكة رهط حارثة بن عمرو بن عامر، وهم خزاعة، ونزل جفنة بن عمرو. بن عامر بالشام، وهم الغساسنة ونزل لخم في العراق ومنهم المناذرة أو آل نصر"٤. فوصل أهل الأخبار بذلك تأريخ خزاعة والأوس والخزرج وآل لخم بآل غسان. وجعلوا ابتداء ظهورهم في أماكنهم منذ ذلك العهد، أي منذ وقوع حادث "سيل العرم".

وقد روى الأخباريون في ذلك شعرًا لنفر من الأنصار، ورد فيه انتساب أهل يثرب إلى "عمرو بن عامر"، واتصال نسبهم بنسب غسان. ومن ذلك شعر للشاعر الأنصاري المعروف "حسان بن ثابت"، يقول فيه:

أَلَم تَرَنا أَولادَ عَمروِ بنِ عامِرٍ ... لَنا شَرَفٌ يَعلو عَلى كُلِّ مُرتَقي٥

ومن ذلك شعر زعم أن قاتله أحد الأنصار هو:

أنا ابن مزيقيا عمرو، وجدي ... أبوه عامر ماء السماء٦


١ حمزة "ص٧٧"، "وهو مزيقياء. كان يمزق كل يوم حلة لئلا يلبسها أحد بعده"، الاشتقاق "ص٢٥٨".
٢ سورة سبأ، ٣٤، الآية ١٨، نولدكه: أمراء غسان، "ص٣"، ملحوظة ١ "الترجمة العربية".
٣ أمراء غسان "ص٣ وما بعدها"، "ص٥" من النص الألماني.
٤ شرح ديوان حسان، للبرقوقي "ص٢٨٦".
٥ البرقوقي "ص٢٨٦".
٦ شرح ديوان حسان بن ثابت الأنصاري، للبرقوقي "ص٢٨٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>