للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجفني المذكور هو الحارث بن أبي شمر الغساني. وقد ذكروا أن دافع فيها عن هزيمة أدركت الحارث في إحدى حروبه، فعاد ومن معه بغير أسلاب ولا أسرى بل يظهر من أبياتها أن العدو أوقع به فقتل من جمعه، وقد اعتذر الحارث بأن من معه لم يكونوا من "جذم غسان" وإنما كانوا من "مأشبة الناس" أي جماعة أوشاب الناس وأوباشهم أي الأخلاط التي تجتمع من كل أوب. ومثل هؤلاء لا تكرثهم الهزيمة، ولا يسألون بذلك؛ إذ لا أحساب لهم ولا شرف، فلا عجب أن أصيب بخيبة في هذه المعركة ومعه مثل هؤلاء الناس١.

ويظهر من القصيدة المذكورة، أن الحارث بن أبي شمر، كان قد توفي قبل "جبلة بن الأيهم". وذلك لرثاء حسان له ولإجماع أهل الأخبار على أن جبلة عاش أمدًا بعد ظهور الإسلام. وأنه مات في بلاد الروم بعيدًا عن بلاد الشأم وعن أرض آبائه وأجداده. وبدليل ما ورد في تأريخ الطبري من أن الرسول أرسل شجاعًا بن وهب إلى رجل من غسان اسمه "المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغساني". يدعوه إلى الإسلام٢. وهذا الرجل هو أحد أبناء الحارث المذكور.

وذكر الأخباريون رجلًا آخر من غسان، دعوه "عديًا"، وقالوا: إنه ابن أخت الحارث بن أبي شمر الغساني، وإنه أغار على بني أسد، فلقيته "بنو سعد بن ثعلبة بن دودان" بالفرات، ورئيسهم "ربيعة بن حذار الأسدي"، فاقتتلوا قتالًا شديدًا. فقتلت بنو سعد عديًا٣. وقد سمي "محمد بن حبيب" هذا اليوم الذي وقع فيه القتال "يوم الفرات"٤.

وأشار الواقدي إلى ملك غساني اسمه "شرحبيل بن عمرو الغساني"، وذكر أنه قتل رسولَ رسولِ الله إلى ملك بصرى في مؤتة٥. ويشك "نولدكه" في نسبة هذا الأمير إلى الغسانيين، وحجته في ذلك أن الواقدي ذكره في موضع آخر مع أخويه "سدوس" و"بر"، ونسبه في هذا الموضع إلى الأزد. ثم إنه لم يكن من عادة الغساسنة على رأيه ذكر لقب الغساني بعد الاسم٦.


١ البرقوقي "ص٢٩".
٢ الطبري "٢/ ٦٥٢" "دار المعارف".
٣ الأغاني "١١/ ١٩٩" طبعة دار الكتب المصرية".
٤ المحبر "ص٢٤٧".
٥ الواقدي "ص٣٠٩"، "طبعة ولهوزن"، السيرة الحلبية "٣/ ٦٦".
٦ غسان "ص٤٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>