للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلاف وتفرق لانقطاع المدة وحلول البلاء والنقمة، فلم تكن له حرب، غير أنه ناوش ذا نواس شيئًا من قتال، ثم انهزموا ودخلها أرياط بجموعه. فلما رأى ذو نواس ما رأى مما نزل به وبقومه، وجه فرسه إلى البحر، ثم ضربه فدخل فيه، فكان آخر العهد به, ووطئ "أرباط" اليمن بالحبشة، فقتل ثلث رجالها وأخرب ثلث بلادها وبعث إلى النجاشي بثلث سباياها، ثم أقام بها١.

ويظهر من دراسة هذا المروي أن الرواة كانوا على اختلاف بينهم في حديثهم عن "أصحاب الأخدود" وقد أشار العلماء إلى هذا الاختلاف٢. وقد اختلفوا في زمانهم أيضًا، واكتفى بعضهم بقولهم: "وكانوا بنجران في الفترة بين عيسى ومحمد"٣. وقال بعضهم: إنهم كانوا باليمن قبل مبعث الرسول بأربعين سنة، أخذهم "يوسف بن شراحيل بن تبع الحميري، وكانوا نيفًا وثمانين رجلًا، وحفر لهم أخدودًا وأحرقهم فيه٤. وجعل بعضهم عدد من قتل من نصارى نجران عشرين ألفًا، وجعله بعضهم اثني عشر ألفًا، وذكر بعض آخر أن أصحاب الأخدود سبعون ألفًا. وقد قتلهم "ذو نواس اليهودي" واسمه "زرعة بن تبان أسعد الحميري" واسمه أيضًا "يوسف" وجعله بعضهم "يوسف بن ذي نواس بن تبع الحميري"٥. وجعلوا زعيم نصارى نجران، والذي ثبت النصرانية فيها ونشرها بين النجرانيين رجل من أهل نجران، اسمه "عبد الله بن ثامر".

وكان قد أخذ النصرانية عن راهب، رآه فلازمه وتعلق به، وأثر في قومه بشفائه الأمراض بالدعاء لهم إلى الله لشفائهم، فدخل كثير ممن شفوا وبرئوا بدينه، وبذلك انتشرت النصرانية في نجران٦.

ولم يبين رواة الخبر المتقدم الأسباب التي دعت نجاشي الحبشة إلى الطلب من قائده "أرياط" بأن يقتل ثلث رجال اليمن، ويخرب ثلث البلاد، ويسبي


١ الطبري "٢/ ١٠٥ وما بعدها"، ابن قتيبة "ص٣١١"، الكشاف للزمخشري "٢/ ١٥٩٤". تفسير البيضاوي "٢/ ٢٩٥".
٢ تفسير القرطبي "١٩/ ٢٨٧".
٣ تفسير القرطبي "١٩/ ٢٨٧".
٤ تفسير القرطبي "١٩/ ٢٨٩".
٥ تفسير القرطبي "١٩/ ٢٩٠".
٦ تفسير القرطبي "١٩/ ٢٨٩ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>