للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يذكر في النص اسم هذا الملك. ويعود تأريخه إلى سنة "٦٤٠" من التقويم الحميري الموافقة لسنة "٥٢٥" للميلاد١.

ويرى ونكلر مستندًا إلى نص "حصن غراب" أن "ذا نواس" كان هو البادئ بالحرب، وأن السميفع أشوع وأولاده أصحاب النص كانوا في معية الملك ذي نواس في حملته على الحبشة، غير أنه لم يكتب له التوفيق، وأصيب بهزيمة إذ سقط فهزم جمعه. وعندئذ غزا الحبش أرض اليمن واستولوا عليها. فأسرع السميفع أشوع وأولاده في الذهاب إلى حصن "ماوية" للتحصن فيه ولتقوية وسائل دفاعه، ولم تكن قلوب هؤلاء مع ذي نواس، وإنما أكرهوا على الذهاب معه. وبقوا في حصنهم هذا إلى أن دخل الحبش أرض اليمن، فتفاهم معهم٢.

وقد أشرت إلى ملخص ما جاء في التواريخ الإسلامية عن ذي نواس وعن حادث تعذيب نصارى نجران، وهو حادث لم يكن بعيد العهد عن الإسلام. فقد أشير إليه بإيجاز في القرآن الكريم: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ، وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} ٣ فجمع المفسرون والأخباريون على ما علق بالأذهان من هذا الحادث ورووا أخبارًا متناقضة متباينة في أصحاب الأخدود.

أما رأي اليهود -وهم طرف من أطراف هذا النزاع- عن حادث نجران فلا علم لنا برأي رجاله المعاصرين في الحادث؛ إذ لم يصل إلينا شيء مدون بقلم مؤلف يهودي معاصر له. وقد أخذ الأخباريون -كما قلت- ما كان علق عن ذلك الحادث بأذهان يهود اليمن ويثرب، على لسان وهب من منبه، وأضرابه، أخذوه عن طريق "الرواية والحفظ، فهذا المدون في كتب أهل الأخبار والمنصوص على سنده هو كل ما نعرفه من رأي اليهود المتأخرين في حادث نجران.

وأما ما رواه النصارى عنه، وهم الطرف الثاني في النزاع، فإنه أطيب جدًّا وأوضح مما ورد في الموارد الإسلامية وفي الرواية اليهودية الشفوية إذا اعتمدت


١ RIP. EPIGR, V. I. P. ٥> Glaser, Die Abessinler. S. ١٣١-١٣٢ Mordtmann, in ZDMG, XLIV, ١٨٩٠. S. ١٧٦
٢ Winckler, AOF, IV, ١٨٩٦. "Zur Alten Geschichte Temens und Abessiniens" S. ٣٢٧.
٣ سورة البروج: رقم ٨٥، الآية ٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>