للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" بلعاء بن قيس", والقارة من ولد "الهون بن خزيمة"١.

ويظهر من هذه الروايات أن أرض حرم مكة كانت مشجرة، وأن تلك الأشجار كانت مقدسة، وأن بعض بيوت مكة كانت ذات أشجار, ويظهر أنها انتزعت من أرض الحرم؛ ولذلك كانوا يهابون قطعها ولا يتجاسرون على إلحاق سوء بها. فلما جاء قصي، خالف عقيدة القوم فيها، فقطعها, ولما وجد أهل مكة أن قطعها لم يلحق أي سوء بقصي، وأنه بقي سالمًا معافًى، تجاسروا هم وفعلوا فعله في قطع الشجر٢.

وذكر العلماء: أن "الحرم"، أي: حرم مكة، ما أطاف بمكة من جوانبها، وحدُّه من طريق المدينة دون "التنعيم" عند بيوت "بني نفار" على ثلاثة أميال، ومن طريق العراق على ثنيَّة جبل بالمنقطع على سبعة أميال، ومن طريق الجِعرانة بشِعْب "آل عبد الله بن خالد" على تسعة أميال، ومن طريق الطائف على عرفة من بطن "نمرة" على سبعة أميال، ومن طريق "جُدَّة" منقطع العشائر, على عشرة أميال٣.

والحرم المذكور، هو الأرض الحرام التي كانت مقدسة عند الجاهليين أيضا, وهي مكة وأطرافها إلى حدودها التي اصطلح عليها. وأما الحرم الذي أحاط بالكعبة فقد عرف بـ"المسجد" وبـ"المسجد الحرام" وبـ"الحرم". ولا نعرف حدوده في الجاهلية على وجه واضح معلوم. وقد كان الجاهليون قد وضعوا أنصابًا على الحدود ليعلم الناس مكان الحرم، ولم يكن له جدار محيط به. وذكر أنه كان في عهد الرسول وأبي بكر فناء حول الكعبة للطائفين، ولم يكن له على عهدهما جدار يحيط به. فلما استخلف "عمر" وكثر الناس، وسع المسجد، واشترى دورًا هدمها وزادها فيه، واتخذ للمسجد جدارا قصيرا دون القامة، وكانت المصابيح توضع عليه، فكان عمر أول من اتخذ جدارا للمسجد.


١ البلاذري, أنساب "١/ ٧٥ وما بعدها", المحبر "٦٤٦", نهاية الأرب "١٦/ ٣٥ وما بعدها".
٢ البلاذري, أنساب "١/ ٥٨", ابن سعد، طبقات "١/ ٧١", "صادر", السيرة الحلبية "١/ ١٤"، اليعقوبي "١/ ٢١٠".
٣ الأحكام السلطانية "١٦٤ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>