للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبـ" المطيبون"، وعرف بنو عبد الدار بـ"الأحلاف".

ولما ظهر الإسلام, كان هذا النزاع العائلي على رئاسة مكة قائمًا، وقد تمثل في تنافس الأسر على الرئاسة, اشتهر بعضها بالثراء والغنى، واشتهر بعضها بالوجاهة الدينية أو بالمكانة الاجتماعية.

ويلاحظ أن هذا النزاع لم يكن نزاعا عائليا تماما، قام على النسب إلى الأب والجد, بل كان نزاعا على الرئاسة والسيادة في الغالب، فنجد جماعة من عائلة تنضم إلى العائلة الأخرى المنافسة، وتترك عشيرتها؛ لأن مصلحتها الخاصة وتخاصمها مع أحد أقربائها, دفعاها على اتخاذ ذلك الموقف.

ولما أسن قصي، جعل لابنه "عبد الدار" -على حد رواية أهل الأخبار- دار الندوة والحجابة, أي: حجابة الكعبة، واللواء, فكان يعقد لقريش ألويتهم، والسقاية وهي سقاية الحاج، و"الرفادة" وهي خَرْجٌ تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي ليصنع به طعاما للحاج يأكله الفقراء، وكان قصي قد قال لقومه: "إنكم جيران الله وأهل بيته، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم شرابا وطعاما أيام الحج، حتى يصدروا عنكم", ففعلوا، فكانوا يخرجون من أموالهم، فيصنع به الطعام أيام منى، فجرى ذلك من أمره على قومه في الجاهلية، حتى قام الإسلام١.

ويذكر الإخباريون في تعليل إعطاء عبد الدار هذه الامتيازات أن عبد الدار كان ضعيفًا، وأن عبد مناف شقيقه كان قد ساد في حياة أبيه، وكثر ماله، فأراد قصي بذلك تقويته بهذه الامتيازات٢.

وقد توارث بنو عبد الدار اللواء، فلا يعقد لقريش لواء الحرب إلا هم, وهي وظيفة مهمة جدا؛ لما للواء من أثر خطير في الحروب والمعارك في تلك الأيام. ولهذا كانوا يتدافعون في الذب عن اللواء، حتى لا يسقط على الأرض بسقوط حامله، وسقوطه معناه نكسة معنوية كبيرة تصيب المحاربين تحت ظل


١ الطبري "٢/ ٢٥٩ وما بعدها", ابن الأثير "٢/ ١٠ وما بعدها", اللسان "٣/ ١٨١", تاج العروس "٢/ ٣٥٥", الأزرقي "١/ ٦١ وما بعدها".
٢ ابن الأثير "٢/ ٩"، نسب قريش، للزبيري "١٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>