للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبني لكم طوفًا عليكم مثل الحائط لا يصل إليكم أحد من العرب. فوافقوا على ذلك، وبنى لهم طوفًا عليهم، فسميت الطائف, فزوجوه١.

وقد كان لأهل الطائف معبد يحجون إليه، هو معبد "اللات"، وكانوا يعظمونه ويتبركون به. ويذكر أهل الأخبار أن اللات كان صخرة مربعة يلتّ يهودي عندها السَّوِيق، وكان سدنتَه "بنو عتاب بن مالك" وهم من ثقيف, وقد بنو له بناء ضخمًا. وكانت العرب، ومنها قريش، تعظمه وتحج إليه وتطوف به, وقد هُدم في الإسلام عند فتح الطائف ودخول أهلها فيه. وقد هدم الصنم: المغيرةُ بن شعبة، وأحرقه بالنار, ويقع موضعه تحت منارة المسجد، الذي بني على أنقاض ذلك المعبد، وهو مسجد المدينة. فمسجد الطائف إذن هو معبد اللات القديم، وهو في الطائف نفسها٢.

ويرجع أهل الأخبار زمان الطائف إلى العمالقة، ويقولون: إنها إنما سميت "وَجًّا" بوج بن عبد الحي، من العماليق، وهو أخو "أجأ" الذي سمي به جبل "طي", ثم غلب عليها "بنو عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر"، ثم غلبهم "بنو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن"، وذلك بعد قتال شديد. ثم استغلت ثقيف الظروف، فاستولت عليها، وأخذتها من "بني عامر"، فارتحل "بنو عامر" عنها، ونزحوا إلى تهامة، وتحكم بها بنو ثقيف٣.


١ البلدان "٦/ ١٠ فما بعدها".
٢ ابن الكلبي، الأصنام "١٦ وما بعدها"، القزويني، آثار البلاد "٦٤ وما بعدها".
٣ الكامل، لابن الأثير "١/ ٤٢٠ وما بعدها"، ابن قتيبة، المعارف "٩١"، "ووج اسم وادٍ بالطائف بالبادية, سمي بوج بن عبد الحي من العمالقة, وقيل من خزاعة.
قال عمرو بن حزام:
أحقًّا يا حمامة بطن وج ... بهذا النوح إنك تصدُقينا
غلبتك بالبكاء لأن ليلي ... أواصله وإنك تهجعينا
وإني إن بكيت بكيت حقًّا ... ولكني أسر وتعلنينا
فنوحي يا حمامة بطن وج ... فقد هيجت مشتاقًا حزينا
قرأت هذه الأبيات في الحماسة لأبي تمام, والذي ذكرت هنا رواية المعجم، وبينهما تفاوت قليل"، تاج العروس "٢/ ١١٠"، "الوج"، "ووج موضع بالبادية، وقيل: هي الطائف" "وفي الحديث: "صيد وج وعضاهه حرام محرم", قال: هو موضع بناحية الطائف ويحتمل أن يكون حرمه في وقت معلوم ثم نسخ. وفي حديث كعب: أن وجًّا مقدس، منه عرج الرب إلى السماء", اللسان "٢/ ٣٩٧"، "وجج".

<<  <  ج: ص:  >  >>