للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمالك، والسيد. ويتبين معناها من الاستعمال١. وقد كان بمكة وسائر الأمكنة الأخرى من جزيرة العرب عدد كبير من الموالي.

والعبيد هم حاصل الحروب. فإذا وقع انسان أسيرًا في غزو أو حرب صار ملكًا لآسره، إن شاء مَنّ عليه ففك رقبته، وإن شاء ملكه فصار عبدًا له. يحتفظ به لنفسه إن أراد، أو أن يهديه لغيره فيصير في ملك من أهدي له، أو أن يبيعه، فيقبض ثمنه، فتنتقل ملكية العبد إلى شاريه، فالسباء هو مصدر مهم من مصادر الرقيق.

ومورد آخر أمدَّ الجاهليين بالعبيد، وهو التجارة: تجارة العبيد. وقد اختص بها قوم عرفوا بالنخاسين. يأتون بالرقيق من مختلف الأماكن ويبيعونه. وكانت تجارة رابحة.

ومن العبيد، قوم كانوا مدينون فلم يتمكنوا من سداد ديونهم فبيعوا رقيقًا. ومنهم من صار رقيقًا لعدم تمكنه من دفع مال يجب عليه تأديته. كالذي روي من تقامر أبي لهب والعاص بن هشام على أن من قمر صار عبدًا لصاحبه، فقمره أبو لهب فاسترقه واسترعاه إبله٢.

ويكون عدد ما يملكه الإنسان من الرقيق أمارة على الغنى والمنزلة والجاه والقوة. هم قوة لأنهم عُدّة لسيدهم في القتال وفي الدفاع عنه حتى وإن كرهوه. وهم خدم له يؤدون له كل ما يطلبه منهم من أعمال، ولا يخلو منهم بيت. وذكر أن بعض السادات كان يملك المئات من العبيد فلما وفد "ذو الكلاع ملك حمير" على أبي بكر "ومعه ألف عبد دون من كان معه من عشيرته وعليه التاج، وما وصفنا من البرود والحلل"٣.

وكان كثير من ملاك الرقيق ذوو قلوب غلاظ، لا يرحمون عبيدهم ولا يرفقون بهم. وإذا شهد العبد غزوًا أو حربًا وغنم فلا يعطي حقه له. ويؤخذ


١ اللسان "و/ ل/ ي"، "١٥/ ٤٠٩".
٢ الأغاني "٣/ ١٠٠".
٣ التنبيه "٢/ ٢٩٩"، "باب ذكر خلافة أبي بكر الصديق".

<<  <  ج: ص:  >  >>