للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المتمكنون من أهل الجاهلية يستعملون "الكلل" للتخلص من البعوض.

ينصبونها على سرير المنام وينامون تحتها١.

ولا بد في المجالس والأندية التي يقصدها الضيوف أو في البيوت من تكريم الرجل بتقديم طيب إليه أو تجميره. ويكون التجمير بمبخرة فيها نار، يرمى عليها شيء من بخور أو مواد أخرى عطرة لتنبعث منها رائحة طيبة تتجه نحو الشخص المراد تكريمه، فيتبخر بها. والتجمير علامة بالطبع من علامات التقدير والتكريم.

وهي ما زالت معروفة، وإن أخذت شأن كثير من العادات والتقاليد القديمة بالانقراض. وقد كانوا يجمرون الميت كذلك، إكرامًا له، وهو تبخيره بالطيب. لتكون رائحته طيبة. ورد في الحديث: إذا أجمرتم الميت، فجمروه ثلاثًا٢.

ونظرًا إلى شح البادية وفقر الحياة وصعوبتها في تلك الأيام، صار الملوك ملاذًا لذوي العسر والحاجات، ولا سيما لأصحاب الألسنة من الشعراء الذين كان للسانهم خطر وأثر في نفوس المجتمع إذ ذاك، فللمديح قيمة وللهجاء أثر في الناس ينتقل بينهم من مكان إلى مكان. فكان هؤلاء يتحايلون ويبحثون عن مختلف المناسبات للوصول إلى الملوك لنيل عطائهم وألطافهم. وكانت مناسبات الشرب والأنس من خيرة المناسبات بالنسبة إليهم، لجو السرور والمرح الذي كان يخيم فيه على الملوك، فيعطون ويجودون ولا يبالون بما يعطون إذا كان صاحب الحاجة لبقًا لطيفًا حلو المعشر، يسيطر بلسانه على الملك، وقد يجعله في عداد المقربين إليه.

ولما كانت الدنانير والدراهم، قليلة إذ ذاك، صارت أعطية الملوك لسادات القبائل مالًا في الغالب، والمال عندهم: الإبل. ويعطون الأكسية والألبسة والطعام لهم ولسواد الناس من الفقراء المحتاجين الذين يقفون عند أبواب الملك يلتمسون منهم الرحمة والشفقة والإنقاذ من الجوع.

والجائزة العطية. فكان الملوك يجيزون من يطلب منهم الجوائز٣ ومنها: "القطوط"، جمع "قط"، وهي الصك بالجائزة والصحيفة للإنسان بصلة يوصل بها. قال الأعشى:


١ تاج العروس "٨/ ١٠٢"، "كلل".
٢ تاج العروس "٣/ ١٠٩"، "جمر".
٣ اللسان "٥/ ٣٢٧ وما بعدها"، "صادر"، "جوز".

<<  <  ج: ص:  >  >>