للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصاب على نحو ما يفعل القصاب. والذكاة في كلام العرب الذبح. فلما جاء الإسلام حدد الذبح، على كل ما أدرك ذكاته من المذكورات وفيه حياة، ولو بعض حياة. فأبطل ذكاة ما خمد نفسه من حيوان١. وهو بهذا خالف الجاهليين، إذ لم يشترطوا الشروط التي اشترطها الإسلام في الذبح.

وللأغنياء والحضر آداب في مآكلهم، تبدأ بغسل الأيدي في الغالب، لإزالة ما قد يكون قد علق بها من أتربة وأوساخ، فإذا انتهوا من غسل الأيدي، أكلوا بها. إذ قلما كانوا يستعملون السكاكين و"الملاعق" و"الشوكات" في أكلهم على نحو ما كان يفعله أغنياء العجم. وإذا انتهوا من طعامهم غسلوا أيديهم كذلك لتنظيفها من الدسم ومن المواد الأخرى التي تكون قد علقت بها من بقايا الطعام. والأكل باليد عادة شائعة بين الشعوب السامية، يرون لها مزايا على الاستعانة بأدوات الأكل في الأكل، حتى صارت في حكم العرف والعادات، بل جعل الأكل باليد من السنن المحببة في الدين.

وتستعمل "الربطة" وهي المنديل و"الفوطة" لمسح اليد وتنشيفها من الماء٢. وقد استعمل الملوك والأغنياء المناديل المصنوعة من الحرير أو من الكتان، وهي غالية ثمينة. وذكر بعض علماء اللغة أن الربطة لا تكون إلا بيضاء٣.

والمنديل الذي يتمسح به من أثر الماء وغيره٤. ويظهر أن "الفوطة" و"الفوط" من الألفاظ المعربة، ذكر أنها من لغة سندية معربة "بوته".

وهي في الأصل ثياب تجلب من السند، غلاظ قصار تكون مآزر، أو هي مآزر مخططة يشتريها الجمالون والعراب والخدم وسفل الناس، فيأتزرون. ثم استعملت في معنى "منديل" و"مناديل"، يضعها الإنسان على ركبتيه ليقي بها ملابسه عند الطعام٥.

وقد استخدم الملوك والأغنياء الخدم في تقديم الأطعمة والأشربة، وكما كان يفعل ملوك الفرس والروم وسراتهما، في كسو خدمهم أكسية خاصة نظيفة


١ الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي "٦/ ٥٠ وما بعدها".
٢ البرقوقي "ص١٤٦".
٣ تاج العروس "٥/ ١٤٥"، "ريط".
٤ تاج العروس "٨/ ١٣٢"، "ندل".
٥ تاج العروس "٥/ ٢٠٠"، "فوط".

<<  <  ج: ص:  >  >>