للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغرباء ممن يرد إلى المدينة وليس لهم من جار ومعين، ومن أهل مكة كذلك.

فهو توثيق وتتمة لعمل "هاشم".

ونجد هذه الدعوة الإنسانية في مساعدة الجار والفقير في الشعر: في مثل قول الشاعر:

يبيتون في المشتى ملاء بطونهم ... وجاراتهم غرثى يبتن خمائصًا١

وهو بيت يمثل المثل الجاهلية العليا التي تجسمت في الجوار وفي المروءة والإحسان والحميّة وأمثال ذلك.

ونجد مثل هذه النزعة في قول الشاعر:

هنالك إن يُستحبلوا المال يُحبلوا ... وإن يسألوا يُعطوا وإن ييسروا يُغْلوا

على مُكثريهم رزق من يعتريهم ... وعند المُقِلّين السماحةُ والبذل

وفي قول "الخرنق بنت هفان" ترثي زوجها "عمرو بن مرثد" وابنها "علقمة بن عمرو" وأخويه حسان وشرحبيل، حيث قالت في جملة ما قالته:

والخالطين نَحيِتهم بنضارهم ... وذوي الغنى منهم بذي الفقرِ٢

والنحيت الدخيل في القوم، والنضار الخالص النسب٣. فهم قوم كرام، لم يفرقوا بين الدخيل والأصيل، ولا بين الغني والفقير، فنال الدخيل ما عند الأصيل، وشارك ذو الفقر والمدقعة الغني في ماله، وهو أعز شيء عند الإنسان، لأنه أبى أن يستأثر به، وجاره فقير ليس عنده ما يسد حاجته.

فمجتمعهم مجتمع "خليط، و"الخليط: القوم الذين أمرهم واحد"، والمشارك الحقوق. وفي الحديث: الشريك أولى من الخليط. والخليط أولى من الجار.

وأراد بالشريك: المشارك في الشيوع٤.

ونجد فكرة مساعدة الفقير، والاستهانة بالمال بإنفاقه على المعوزين، والإنعام به على الفقراء، في أبيات أخرى في مثل:


١ الأمالي للقالي "٢/ ١٥٨".
٢ الأمالي للقالي "٢/ ١٥٨".
٣ ويروى لحاتم الطائي، تاج العروس "١/ ٥٩١" "نحت".
٤ تاج العروس "٥/ ١٣٢"، "خلط".

<<  <  ج: ص:  >  >>