للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو دلامة١.

وورد في القرآن الكريم ما يشير إلى قتل بعض الجاهليين أولادهم خشية الإملاق وخوف الفقر. وهم الفقراء من بعض قبائل العرب وفيهم نزلت الآيات: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} ٢. و {كَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} ٣. و {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} ٤. و {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} ٥. وظاهر لفظ الآيات النهي عن جميع أنواع قتل الأولاد ذكورًا كانوا أو إناثًا مخافة الفقر والفاقة٦.

وذكر أن المراد من كلمة "أولادكم" البنات، وأن المقصود بذلك الوأد٧.

أي: وأد البنات، لا قتل الأبناء. وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بها الأولاد ذكورًا كانوا أو إناثًا. "فقد كان الرجل في الجاهلية يحلف بالله لئن ولد له كذا وكذا غلامًا لينحرن أحدهم، كما فعله عبد المطلب حين نذر ذبح ولده عبد الله"٨. فنحن أمام هذه الآيات تجاه موضوعين: وأد البنات وقتل الأولاد الذكور عند الجاهليين. وأد البنات للأسباب المذكورة الواردة في كتب التفسير والحديث، وقتل الأولاد للأسباب المذكورة في تلك الكتب أيضًا، وفي كلتا الحالتين نتيجة واحدة، هي القضاء على حياة إنسان.

قتل الأولاد الذكور عند الجاهليين هو أقل استعمالًا من وأد البنات بكثير.

ويظهر أنه كان عن عامل ديني في الأغلب، كما يتبين ذلك من قصة إقدام


١ اللسان "١٢/ ٢٠٥"، "صادر"، "دلم".
٢ الإسراء، الآية ٣١، تفسير الطبري "١٥/ ٧٥".
٣ الأنعام، الآية ١٣٧".
٤ الأنعام، الآية ١٤٠.
٥ الأنعام، الآية ١٥١.
٦ بلوغ الأرب "٣/ ٤٤".
٧ تفسير الطبري "٨/ ٣٢ وما بعدها"، بلوغ الأرب "٣/ ٤٤".
٨ القرطبي، الجامع "٧/ ٩١".

<<  <  ج: ص:  >  >>